أوراق بحثية في شؤون المرأة المصرية
(1) المشاركة السياسية للمرأة المصرية بين الحقيقة والتمني
يمر مجتمعنا المصري بالكثير من فترات التحول الاجتماعي والاقتصادي والسياس والفكري. ولقد اقترن ذلك التحول بتغيرات هامة وجوهرية في أكثر من اتجاه، نفسي وفكري وثقافي وأيدلوجي لدى المواطن المصري حيال الكثير من الأمور والقضايا الاجتماعية المختلفة، وبخاصة فيما يتعلق بالاتجاهات نحو أخطر وأهم قضايا المرأة، كالاتجاه نحو عمل المراة وفرصتها في التعليم وإعطائها الفرصة الحقيقية للمشاركة السياسية، مما يسمح لنا ببعض التساؤلات الافتراضية الخطيرة والمحظور التعامل معها:
هل يمكن للتميز الحاد للمراكز أو لتبادل الأدوار الاجتماعية من الممكن أن يطرأ بعض الشىء من التغيير عل الساحة؟ وهل سيكون ذلك نتيجة التقارب الذي حدث بين الجنسين من حيث النشاط والعمل والفرص التى يقوم بها كلا منهما؟ وفي هذه الحالة هل تصبح المرأة معنية أكثر ببلورة معتقدات واتجاهات حول وضعها داخل المجتمع بما يتناسب واحتياجتها الجديدة؟ أم أن هذه النظرة المترقبة قد تتحكم فيها كثير من الاعتبارات الفكرية والاجتماعية والقيم والعادات والسلوكيات التى تمارس ضغطها بشكل مباشر أو غير مباشر على التكوين الاجتماعى والتنميط للادوار الاجتماعية وفقا للنوع (الجنس)؟
كالعادة المجتمعية، عندما نتطرق الى موضوع المشاركة السياسية للمرأة نجد عدد من النظريات التي تفسر لنا تباين الأفراد على مستويات مشاركتهم السياسية (نظرية التبادل الاجتماعي)، ترى أن الأفراد يدخلون بصفة مستمرة في عملية تبادل المنافع مع النظم الاجتماعية التي يعيشون فيها، ويعطون وياخذون في مقابل أشياء قيمة لهم، ونرى أنه كلما زاد إدراك وقناعة الفرد بالمنافع والفوائد التي ستعود عليه من جراء تلك المشاركة – بالتالى سيشاركون فى الانشطة ويستفيدون منها أكثر من غيرهم – بينما نظرية (الدور الاجتماعي) تنطلق من التوقعات الاجتماعية التى ترتبط بشكل مباشر مع المراكز الاجتماعية التى يشغلها الفرد، وبذلك بعض الأفراد يقعون تحت الضغط الاجتماعى القوي للقيام بأدوار ومشاركة فعالة مع نشاط ذو شأن.
عندما نتحدث عن التنشئة الاجتماعية للوعي السياسي ثم نتبعه بسلوك سياسي – ننظر الى اهتمام (JEAN PIAGET) جان بياجي، نتحدث عن النمو الادراكى – فتنمية قدرات المرأة لها علاقة كبيرة بالوعى، كما يعطى اركسون (ERIKSON) قدرا كبيرا للمبدأ التنظيمى الذى على أساسه يحافظ الانسان على نفسه ولدور الوالدين ايضا، والمجتمع المحيط له السبق فى نمو شخصية المرأة – اذا بالتالى نرى تأثير المحيط الأسري ليكون مشاركا اجتماعيا أو سياسيا، بالاضافة الى كل هذا ينعكس بشكل مباشر وقوي على دخول المراة للمجال السياسى. فأتسمت المشاركة السياسية للمرأة كقضية اجتماعية – ومن ثم كموضوع بحثى للكثير من المهتمين بمجال حقوق النساء فهى تشمل اشكالية متعددة المستويات – لاسيما فى ظل التداخل الذى تعكسه فكرة المشاركة السياسية للنساء بين المجالين العام والخاص واللذين تتواجد فيهما النساء وتتحرك فى اطارها، اذ يمكن القول أن زيادة هامش الحرية الذى تتمتع به المرأة فى المجال الخاص تنعكس حتما بشكل أو بأخر على مقدرا انغماسها فى الشأن العام، ومن أبرز تلك الصور المكونات الثقافية كما ذكرنا فهى اما ان تكون ورقة رابحة أو تكون نقمة على المجتمع وعلى المرأة نفسها.
– في الورقة القادمة سنتابع التمكين السياسي للمرأة – الاتجاهات النظرية المختلفة للمشاركة السياسية للمرأة – المكون الثقافي للمرأة.
* سلوى عثمان – الباحثة في شؤؤن المرأة.