عالم من البؤس
عزيزتي زوي كازان
لقد افتقدتك، لذا أبعث إليكِ هذه الرسالة وأنا أريد أن أشاركك إحدى هزائمي.
أشعر وأنا ببداية العام الجديد ببعض الإحباط جراء انتهاء العام السابق دون أن أحقق أهم هدف وضعته لذاتي، هناك من خفف عني بقوله، انظر لما حققته فإنك لن تخرج خالي الوفاض، ولا تكن كالمثالي الذي فقد أثناء بحثه عن الكمال كل شيء. آخرون رأوا أن هذه فرصتهم لإثبات فشلي.
أتعلمين إننى غير حزين _لأني لم أحقق الهدف الأهم_بقدر اكتئابي لعجزي عن معرفة كيف أبدأ تحقيق هذا الهدف؟
الفشل محزن وشئ محبط لكن أقسم لك ليس بقدر إحباطي لعدم معرفتي بداية طريق الحلم؛ فالفشل أثناء تحقيق الحلم يوجب علينا النهوض مجددا لمواصلة تحقيق الهدف_إما ستُقابل بالدهس ممن هم خلفك على ذات المضمار أو مِن مَن ينتظرون إخفاقك.
المثير في الأمر أنه أثناء احتفالى ببدء العام الجديد نسيت هذا الحزن وظللت احتفل كأن العام السابق شهد تربعى على عرش العالم، و أثناء متابعتى للاحتفالات وجدت أن أكثر الناس معاناة أثناء العام فى لحظات الأعياد و الفرح يتحولون لأكثر الناس بهجة كأن هذه اللحظات ما هى إلا أفيون يبتلعونه فيتغاضون عن همومهم ولو لسويعات، رأيتهم يقفزون، يرقصون، يأكلون أطعمة لا تدخل بيوتهم إلا في المناسبات السعيدة، بعضهم اشترى ملابس جديدة والآخرون ارتدوا أفضل ما لديهم.
غريب هذا العالم! مظاهر البؤس ثابتة راسخة، القتل في كل مكان، العنصرية في كل عين، المجاعات في أغلب الدول النامية، الاقتصاد يقترب لكسود جديد بشهادة خبرائه، وأمراض تحتل أجزاء من العالم كأنها بؤر مستوطنة، اليمن صار حزين، سوريا صارت جرداء كالصحراء، السودان باتت قرية خاوية، لبنان مفتتة، ليبيا بدون حدود، حتى دول العالم العظمى مشاكلها تفاقمت؛ حتى جعلتها ترفع يدها عن أى مساعدة. هدية أنظمة العالم للعام الجديد صاروخ عابر للقارات، أمريكا تسعى لسلام فلسطيني إسرائيلي سيؤجج المنطقة، لكن في لحظات الأعياد العالم يُنسى ذلك وفقط نحتفل
العالم الذي يحكمه القوة لا الأخلاق، المنفعة لا الصداقة، ويتصف بالخيانة لا الأمانة، الغدر لا الوضوح، عالم يحكمه الصوت العالى والسلاح، ومن يخاف سيخضع، لكن في الأعياد يهمل الجميع ذلك فقط للاحتفال
بديسمبر تنتهى الأحلام، وبيناير تبدأ محاولة جديدة لتحقيق ما لم نستطع تحقيقه والسعى خلف أحلام جديدة تأتى الأعياد ثم تمر وبؤس العالم لا يتغير لكن فى لحظات الأعياد فقط يحتفل الجميع
صديقك البائس زكريا حجاج