كثُر الجدل حول استقالة نواب تكتل (25 – 30) من البرلمان، على خلفية تمرير اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وتصديق الرئيس عليها، وخصوصاً وقد هددوا هم أنفسهم بذلك قبل التصديق بأيام.. وانقسم أغلب السياسيين والنشطاء إلى مؤيد ومعارض للاستقالة.
ولذلك.. دعونا نرى الأمر من منظور آخر.. لنحاول أن نخرج بشئ من المنطق، هل الاستمرار أفيد، أم الخروج من البرلمان أفيد؟
لماذا يكون حصر النقاش بين الاستمرار في البرلمان (وأنا أرفضه) والاستقالة (وأنا أؤيدها)؟! وكأن عضوية البرلمان غاية في ذاتها وليست وسيلة لإقرار سياسات وإيقاف أخرى!
دعونا نرى، هل استمرارهم أفضل، أم خروجهم؟!
لنقيم التجربة نفسها أولاً.. نسأل أنفسنا .. هل وجودهم كان فارقاً أصلاً؟
وللجواب على هذا السؤال.. يجب أن نظر، لماذا لم نرى منهم أي استخدام للآليات البرلمانية الحقيقية، غير طلبات الإحاطة والبيانات التي لا تغني من جوع؟!!
بصيغة أخرى .. أين الاستجوابات، ومحاولات سحب الثقة من الحكومة؟!
فيما يخص الاتفاقية:
لماذا لم يُقدم التكتل – (٢٥ – ٣٠) -، أية استجوابات فيما يخص الاتفاقية؟ على مدار عام كامل؟!
توقيع الحكومة على الاتفاقية، بمخالفة الدستور الذي يمنع التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة.. ثم الطعن على حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية وتأكيد مصرية الأرض .. ثم الموافقة على الاتفاقية رغم الحكم ببطلانها وعدم انتظار حكم الإدارية العليا، وإحالتها للبرلمان.. كل تلك الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة على مدار عام كامل، كانت تتطلب استجوابات لسحب الثقة من الحكومة ورئيسها، ولكنها لم تحدث.. لماذا؟! لا ندري!
وفيما يخص الأداء البرلماني للتكتل بشكل عام:
أرى أن وجودهم في البرلمان ضعيف من الأساس، ولا يؤدون الدور البرلماني الذي يُخشى إضاعته بالخروج من البرلمان.
بمعنى آخر .. لن نخسر الكثير بخروج نواب التكتل، فهم لم يستطيعوا صنع الشئ الذي لا يمكن تعويضه!
فعلى سبيل ذكر الاستجوابات، لم نرى استجواباً واحداً لأي وزير من الوزراء الذين تسببوا في كثير من الأزمات للشعب المصري! وأيضاً لا ندري ما السبب!
قرارات اقتصادية واجتماعية وأمنية، غاية في الفشل، ولم يدفهم ذلك للاستجوابات وسحب الثقة!
اكتفى نواب التكتل، بتقديم طلبات الإحاطة، وإصار البيانات الإعلامية، دون استخدام آليات برلمانية، دأب نواب المعارضة على استخدامها في السابق رغم قلة عددهم بكثير عن نواب التكتل الآن!
هم – نواب التكتل -، لم يستطيعوا تعطيل أي قانون، أو فرض أية رؤية، أو طرح أي قانون وتمريره،! ولم نسمع عن محاولة، مجرد محاولة، لسحب الثقة من أي وزير، أو جمع توقيعات لذلك!
ولذلك الاستقالة قد تكون أفيد، ما دام وجودهم لم يحول دون تمرير كل ما تم خلال الفترة السابقة من قوانين بعضها يرتقي لمرتبة الجريمة في حق الوطن والمواطنين، ولا سيما اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير التي تمت في وجودهم، وإن كانوا في صفوف المعارضين.
قد تتمكن المعارضة المصرية، من البناء على تلك الاستقالة، وما سيصاحبها من زخم، لبناء التكتل السياسي المرجو لمواجهة النظام عبر الآليات الديمقراطية.
لا يمكن أن نغفل أهمية الخروج من نظام يفتقد لمشروعية الاستمرار، والمناداة بانتخابات مبكرة، وترتيب وتنسيق وحشد القوى السياسية لخوضها في المستقبل بهدف تشكيل كتلة حرجة إن لم تكن غالبية في المجلس القادم.
وختاماً، يجب أن أشير إلى منطقية، خوف البعض على أنفسهم، ومحاولة تغليب الأمان والسلامة الشخصية، في حسابات القرارات والمواقف السياسية، وهذا شئ مشروع جداً، ومقبول أيضاً.. ولكن، في بعض الأوقات التي تمر بها الأوطان، قد يجنب المرء شخصه من الحساب ويقدم مصلحة الوطن على كل شئ، ووقتها قد يفعل على ما يعرضه للخطر في سبيل وطنه، غير عابئ بشئ!
يقول الشاعر السكندري محجوب موسى: