سأسرد لكم فى سلسلة على حلقات متتابعه الجوانب: اجتماعية. اقتصادية. سياسية. صراعات قوى سياسية خفية ومعلنه. جوانب فلسفية وتأثيرها على العقل الجمعى المصرى مع بداية الالفية الثالثة:
سمعت أجراس الكنائس مدويه فى كل أرجاء البسيطة معلنة عن بداية الألفيه الجديده وبلوغنا عام 2000. ياله من تاريخ سيظل راسخا بذاكرتى كثيرا فقد حضرت الكثير والكثير لتلك اللحظه التى كنا لا نتخيل اننا سنبلغها فكانت بداخلنا العديد والعديد من الاحلام والامانى والطموحات والتصورات التى كنا نتخيل حدوثها فى عام 2000. فكنا نتخيل مصر القوه العظمى (كان مصطلحا دارجا بيننا حينها وكنا لا نفهم معناه) ولكن فقط كنا نردد ان مصر ستصبح قوه عظمى فى عام 2000 وعندما نسأل احدا ما معنى هذا كان الجميع يفتى ويتفزلك ويسرد ويصف وفق خياله الواسع .. فقد عشنا شبابا حالمين بمصر القويه المسيطرة المسموعه الكلمه.
عشنا وهم المصرى الذى يرغبة كل بنو البشر ويمجدونه من حيث القوه والذكاء والابداع. عشنا وهم ان المصرى هو محور الكون وباقى الشعوب تدور حوله مبهوره بشخصيته. عشنا وهم الدولة العربية المتقدمه والحديثة والمنتجه للعلم وصاحبة اكبر قلعه صناعيه فى الشرق الاوسط. ياله من فخر عندما كان مدرس الدرسات الاجتماعية فى الصف الثالث الاعدادى يعلو صوته شامخا صائحا بكل اعتزاز قائلا: مدينة العاشر من رمضان هى اكبر مدينه صناعية فى الشرق الاوسط حيث يوجد بها ألف مصنع. ياله من شعور بالعظمه تولد لدينا اطفالا .
حقا كنا نشعر بالفخر فليس أمامنا من وسائل تثقيف سوى ما تبثة لنا الدوله عبر ادواتها وتوجيهنا فكريا حيثما تريد من خلال قنوات التليفزيون الرسمى الحكومى والمكتبات العامه والمناهج الدراسية الحكومية. فقد رسموا فى خيالنا أن العرب بدوا فى الصحراء يسكنون الخيام ويسيرون وراء الجمال ولا فرق بينهم وبين الابقار. حقا هكذا كانوا يصفون لنا العرب فى شبه الجزيره العربية. وبالطبع نحن نسكن فى دوله منغلقه ليست لدينا النوافذ التى من خلالها نستطيع ان نطل على دبى ونتابعها منذ بدايتها ولا على السعودية ولا قطر وما بها من تقدم علمى مذهل. الى ان جاءت سنه 2000 بدأت التكنولوجيا تدب فى القطر المصرى. ياله من طبقا سحريا يأتى ألينا بالقنوات الفضائية ويعرفنا على ثقافات وحضارات الاخرين.
هنا كانت بداية الصدمة الحقيقة. حقا انها كانت صدمة مدويه. فقد الكثير منا ثقته بالرساله الادبية التى كانت تقدمها الدوله تجاه مواطنيها عندما علموا انها كانت تغذى بداخلهم مشاعر مقصود من ورائها خلق الشعور بالرضى حتى لا تطمح بالافضل الذى لا تستطيع تقديمه الأنظمة الحاكمة.