كثيرا ما بحثت عن المدينه الفاضلة، وماهيتها ومكوناتها، والشروط التى يجب أن تتوفر بساكنيها.
ظللت أبحث وأفتش كثيرا عما كان يقصده أفلاطون وسقراط وأرسطوا وروسو وبرتراند راسل وأفلاطين وصولا لابن رشد ومحمد عبده والغزالى، بمواصفات ساكنى المدينه الفاضله، وسر اهتمامهم بضروره السعى إلى تربيه البشر على ذلك المنهج القويم….
توصلت للكثير والكثير من السمات التى يجب أن تتوافر فى قاطنى تلك المدينه .. ولكن يأتى السؤال الأصعب، هل تتوفر بى ولو سمه واحده من تلك السمات؟ أم أنا أيضا أدعى الفضيله؟ وأقنع نفسى بأنى صاحب فضائل، ولكن ليس بداخلى أياً منها؟ .. سؤال يحيرنى كثيراً.. هل أنا الصواب والمجتمع هو الخطأ؟ أم أنا الخطأ والمجتمع هو الصواب؟ .. تدور بذهنى الكثير من الأسئله ذات الطابع الفلسفى إلى حدٍ ما.. ولكني أريد أن أعترف بأن الشئ الوحيد الذى أنا على يقين به، هو إيمانى بضروره العيش فى تلك المدينه على الرغم أنه لا يستحق أن يعيش بها سوى الملائكه ونحن مازلنا بشر وضيعين.
هناك من يدعون الفضيله، وهم أبعد الناس عنها، يدعون التدين والقرب من العبادات، وهم أهجر الناس لها … يدعون العيش فى المدينه الفاضله، وهم من يمثلون الشيطان الرجيم فى تلك المدينه الفاضله، فبدونهم تستقيم القيم والأخلاق والفضائل … بدونهم تغيب تجاره الأديان وهوايات اللعب على آمال الشعوب والأوطان … بدونهم تختفى الرذيله وتنتشر الفضيله .. بدونهم يختفى من يطلق عليه من حين لآخر عنتيل (محله، غربيه، جيزه، إلخ…..).. بدونهم يعيش الناس فى سلام وأمان.. بدونهم يحصل كل منا على حقوقه بآدميه.
فلتذهبوا جميعاً الى الحجيم.. فبرحيلكم ننسى نحن الجحيم.. برحيلكم نسعد نحن فى دنيانا، وقد نسعد أيضا فى آخرتنا.. فأنتم من تجعلوا علينا الحياة جحيماً، وأيضا تجبروننا على أن تكون آخرتنا أيضا جحيماً.. بوجودكم جعلتم الفقير يزداد فقراً، والبائس يزداد بؤساً.. جعلتم الفقير ينسى الأديان بل ويسبها من أجل البحث عن لقمه العيش وضيق الحياه عليها.. بوجودكم جعلتكم الكثير مما يريدون أن يعيشون بشرف، يفعلون أفعال غير شريفه من أجل كسرة خبز مغموسه بالإهانه والذل والامتهان.
بالله عليكم اذهبوا، واتركوا الشعوب تهنأ بما بقي لها من عمر.. اتركوا تراتيل الأديان تعلوا فى عنان السماء.. اتركوا العابد يتعبد فى صومعته فى أمان وسلام.. اتركوا المسلمون يذهبون إلى مساجدهم فى سلام وأمان.. اتركوا المسيحيين يناجون الرب فى سلام وأمان.. اتركوا كل إنسانٍ فى حاله، فالله وحده هو مقرر الأقدار.. هو وحده محاسب العباد.. اتركوا للإنسان حرية الاختيار، دون ضغوط بيولوجيه أو اجتماعيه أو سياسيه أو اقتصاديه.. اعطوا الإنسان حريته.