“الاستغناء “و ” الانسحاب” كلاهما فن له من يبرع فيه و له من يقاسي منه ليصل الى مرحلة الدمار النفسي الشامل ، و قد ذكرت الاثنين معًا لوجود علاقة ترابط بينهما فغالبا ما يلوح احد طرفي العلاقة بلافتة تهديد كتب عليها ( انتهت مدة صلاحيتك ) و قد حان وقت الاستغناء عنك ليحل محلك اخر او لاعتبارك زيادة حان وقت التخلص منها او للشعور بأنك قد أصبحت عبئا زائدا منافعك بالنسبة له أصبحت أقل كثيرا من الأضرار التي يسببها وجودك له في حياته فيصدر هنا قرار الإستغناء عنك دون اَي رحمة أو شفقة لينتهي دورك و تفسح المجال لحياة خالية من وجودك دون اَي اكتراث لمشاعرك في الوقت الذي تحاول انت و تحاول ان تبحث له عن أسباب لتحوله و مبررات دفعته للإستغناء عنك و لكن دعني أنبهك ان في ذلك الوقت الذي انت تستميت فيه للاستمرار في دور البطل الباحث عن اسرار استمرار العلاقة و طلب الأمان الصادق مع من تحب ،يكون الطرف الآخر يستعد للغدر بك ، بل و للاحتفال بالخلاص منك ..و فجأة تسقط مشاعرك قتيلة أم عينيك لتبدأ بعدها انت في رحلة شاقة لجلد ذاتك التى صورت لك ذات مرة ان الترابط العاطفي بينك و بين من تحب كان من المستحيل كسره ، و دعني اقدم لك نصيحتى قبل ان تبدأ رحلة جلد الذات ألا و هي ان الانسحاب هنا هو ما يضمن لك الخروج الآمن من تلك العلاقة المسيئة لك و لذاتك فمن حقك ان تحرم ذلك الطرف من لذة الاستغناء اذا رفعت انت أولًا راية الانسحاب بدلًا من راية الاستسلام ، فالانسحاب في الوقت المناسب هو فن يجيده فقط الأذكياء ،نعم الاذكياء فقبل الوصول لمرحلة الاستغناء ستلاحظ مقدمات ينتبه لها فقط الفطن أولها و أكثرها وضوحًا قلة الأهتمام ، فبعد ان كنت انت محور الاهتمام أصبحت في اخر القائمة ، و بعد أن كان غيابك مؤثر و البحث عنك دائم .. اصبح وجودك لاغي و اختفاؤك لا قيمة له .. دقق النظر جيدًا ستلاحظ ان التغير للاسوأ كان يلتف حولك و يفتك بك من منذ وقت طويل و لكنك من شدة حبك لم تلاحظه او قد تكون عودت نفسك على إنكار وجوده حفاظًا منك على رصيد محبه للطرف الاخر ، و لكن حذاري من أن ترضى لنفسك ان تكون هي الأقل قيمة وأن تكون هي أول ما يلقى به في سلة الاستغناء ، اقتل قلبك و أوقف فورا فيض مشاعرك و لملم كرامتك و أرحم ذاتك و أسمح لها أن تحزن ليس على من استغنى عنها و لكن على تقديمها الصدق لمن لا يستحق ، اسمح لها أن تحزن على سنوات ارتضت فيها ان تكون في مكان أقل قيمة من غلوها و ندرتها فكانت تدور بها السنوات و هي كمن يحفر البحر في محاولة لبناء سعادة متناسيه ان حفر البحور ليس نوعاً من أنواع الحب بل هو السراب في كل صوره .. ارفع راية الانسحاب و اكتب عليها ” عفوًا لقد نفذ رصيدكم ” و لا تبالي فأنت الرابح و لست الضعيف ، انت في قمة احترامك لذاتك التى لن ترضى لها ان تكون مهلهلة ،مهانه ، قليلة القيمة ..عفوا .. فمن الان و صاعدا لا بطولة مع ضعيف و لا تحامل على النفس و لا سماح بعدم الاهتمام و لا مكان لقلة التقدير فلقد نفذ رصيدكم .