يمزقنا، يلقي بنا، يصرخ ملء وجعه: ” مفييش فايدة”، ينزوي بزاويته المظلمة، يتكور علي نفسه ويبكى..
في الليل بعدما تنتشله أيادى النوم من براثن أفكاره ومن شقاءه.. نجتمع،أهتف بهم لن نتخلي عنه ولن نخذله فلم يتخلي عنا يوماً وكنا سلاحه الاقوي
أستطرد: سيفتتح كلماته بي فأنا بداية الحب والحياة والحق وأول الحلول لعقد الإنسان،
أنا أول الحكايات والحلم.. أنا أول الحرية.
تعترض الراء: وأنت أيضا اول الحزن وبداية الحرب،
– لولا طعم الحزن ما عرفوا مذاق الفرح..ولولا الحرب ما قدروا قيمة السلام
– بل سيبدأ بي فأنا أول الرحمة وبداية الروح .
تصرخ الياء في غضب: لا لن نساعده ولن ندعه يستخدمنا فقد خذلني حين كتب بي عن اليأس..
– لكنه إستعان بك في حديثه عن اليقين وسيبدأ بكِ حديثه عن اليسربعد زوال المحنة.
تهمس الهاء: سنساعده وسأكون أنا إختياره فبي بدأت الهداية ..
تهم الواو بالحديث فتنهرها الياء: إياكي وأن تتحمسي هل نسيتي أنك كنتي وسيلته في الكتابة عن وأد الأمل؟!
– وهل تلومينه؟!
– منذ البدء ويعلم وعورة الطريق، فلماذا تخاذل؟
– لم يتخاذل ولن نخذله.. ساكون له وتر يعزف عليه كلماته، سأكون وتد يشد حوله وثاق الكلمات ليغير بها وتظل خالدة، فلا أبقي من كلمات سطرت بمداد الصدق وهو يكتب بصدق.
– بل انتِ أول حروف الولي، الذي وإن فسد فسدت به الأمة، وسيكتب بك عن الوهن حين تهترئ الكلمات دون أن يسمع صداها أحد..
تتدخل الطاء: ليست سوي مرحلة للتمحيص ليصير أشد صلابه، وأشد تمسكاً بمبادئه..وسيكتب عن طموح الأجيال في حياة كريمة.
توافقها النون قائلة نعم وسأكون أول كلماته عن النور..
تسري بيننا همهمات، بين مؤيد ومعارض فريق يؤكد أنه سينهض وسنساعده، والاخر أصبح لديه يقين باستسلامه، ونهايته الوشيكة وفنائنا.. يحتدم الصراع ، ينال منا التعب، يسود بيننا صمت مطبق.
أقطع الصمت : لابد وأن نتفق فلن يستطيع أن يكتب بأحدنا دون الأخر،
فبنا خطت الكتب السماوية، وبنا كتبت الأشعار والأغاني، و كلمات الفرح والبهجة، شعارات الثوارات والحماس، هي فقط تباديل ويحدث الإختلاف.
لم يكتب لنا يوماً أن نتفرق وأبداً لن نفترق..
أنظروا حين نتشابك ماذا كتب بنا؟
طفقنا نجمع قصاصات الورقة ونتراص جنباً إلي جنب..كان الظلام حالك فلم نتبين شئ..فعدنا للصمت.
في الصباح تسلل من النافذة شعاع ضوء واهن، إنعكس علي الورقة فظهر العنوان الذى كتب به مقاله والذي كان سبباً في اعتقاله والزج به في غيابات الظلام
“حرية وطن “.