استيقظت منذ بضع أيام على هاتف من صديق يخبرني بأن هناك حالة لمجموعة من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمركز أسوان في حالة ماسة للمساعدة بعد أن ضاقت بهم السبل وتم هدم ورش عملهم.
اصطحبني بسيارته شمال مدينة أسوان بحوالي ١٤ كيلو متر ليعبر بعدها شريط السكة الحديدية ويدخل في باطن الجبل مسافة لا تقل عن ٦ كيلو متراً على أقل تقدير في طرق متعرجة يكسوها طبقة من الأسفلت ثم ظهر على اليمين واليسار منازل قرية الهلال الأحمر التي تم بناؤها خصيصاً لضحايا السيول في أسوان منذ عام ٢٠١٠ وأغلبها منازل خاوية على عروشها بالرغم من مظهرها الجذاب ولكن يبدو أن سرعة البناء نظراً للظرف الطارق جاءت على حساب الجودة فأغلبها يعاني الآن من تصدعات.
انتهى الطريق الأسفلتي و بدأ طريق آخر غير مرصوف لمدة ثلاث دقائق ووجدنا أنفسنا أمام مجموعة من العمال على ملامحهم الهم والغم، في درجة حرارة قاربت على الخمسين درجة في مقياس “السيلزيوس” ومن بينهم خرج عم عادل جمعه الرجل الخمسيني صاحب اللحية البيضاء، في جولة بين أطلال الورش المهدومة بقرار من رئيس قرية أبو الريش بحري، وحكي لنا صاحب الأحد عشر ولداً وبنتاً أنهم خرجوا للحياة في قرية الأعقاب لا يمتلكون غير الأحجار يا بنكسرها ونبيعها “دبش” يا نصنعها ونعمل منها الحجر الفرعوني، وتتصدر لكل مكان في مصر والوطن العربي وهي مصدر رزقنا الوحيد و كنا نعشم أن تتحقق وعود المسؤولين لنا منذ سنوات طويلة بعمل مدينة صناعية لنا وتقنين وضعنا في إطار رسمي وتشجيع العمال على الإنتاج ولكن فوجئت أنا وزملائي من ٤٠ ورشة بعد وعود رئيس الوحدة المحلية لنا بتقنين الأوضاع بقرارات الإزالة المتتالية، وتوعدنا بالتنكيل لو أي منشار اشتغل تاني، و إحنا بنقول إحنا معاك عاوزين نقنن أوضاعنا عاوزين تبيعوا لينا هنشتري عاوزين تأجير هنأجر، مع العلم أن المنشار الواحد فاتح بيوت عشرات العمال و أسرهم بشكل مباشر أو غير مباشر، من أول عامل تقطيع الحجارة “الحجار” في المحجر للصنيعينة في الورشة لسواقين النقل والصنيعينة في التركيب والعاملين في تسويق وبيع المنتج.
وطلب منا عم عادل إيصال صوته هو وزملاؤه للرئيس عبد الفتاح السيسي ومحافظ أسوان، بعمل مدينة صناعية لأصحاب الحرف بجوار قرية الهلال الأحمر بالأعقاب لاستيعاب الشباب الذي يبحث عن فرص العمل وتوفير تقنين أوضاع للعاملين الحالين في مهنة صناعة الحجر الفرعوني ومد توصيل المرافق لمكان العمل.