بريد اليوم قد وصل طازجا ، تم فرزة وتوزيعة علي السعاة حسب توزيع المناطق ، . استقللت دراجتي البخارية ومضيت في طريقي ، حمولة اليوم كبيرة علي بالاسراع حتي انتهي منها قبل انتصاف النهار . للاسف نسيت ان اعرفكم بنفسي انا ديفيد مالكوم ساعي البريد ، لن اخبركم باني افضل السعاة بالولاية ولكني علي الاقل لا اتلقي العديد من الشكاوى . انا فعلا لا احب عملي ولا اكرهة ولكني احيانا احظي ببعض المزايا فانا تقريبا قد دخلت كل منازل الحي وبسبب ذلك قابلت حبيبتي الجميلة لويزا ، اه انها حقا الجانب المشرق الوحيد بحياتي كانت وحيدة في منزلها بعد وفاه والداها في حادث سيارة وهي في التاسعة عشر من عمرها فاحببتها واقمت معها في منزلها الكبير ، كانت لويزا شقراء جميله تمتلك عيون زرقاء لامعة يتشابهة لونها مع لون السماء الصافية في نهار اغسطس ، اما وجهها فكان في بياض الثلج الذي يكسو سقوف المنازل في ليالي يناير الباردة ، كنت دائما اداعب خصلات شعرها الذهبي المتعرجة وانا اتامل ملامح وجهها الصغيرة الممتزجة في وجهها البرئ لتشكل في تناغمها جمال الطبيعة ودفئها الاخاذ .
علي الرغم من عملي في مكتب البريد الا اني لم اتلقي يوما اي رسالة ولأكون صادقا فقد كنت اتلقي احيانا بعض الفواتير البنكية ليعلمني البنك بمواعيد سداد قروضي او كوبونات الخصومات من المتجر الكبير ولكني دائما كنت انتظر رسالة من اي شخص يرسلها لي للاطمئنان علي او لاخباري باي شئ . اريد ان اعرف هل من الممكن ان يكون هناك من يهتم لأمري في اي مكان اخر خارج حدود الولاية .
بدائت في تسليم الطرود وابتدائت بمنزل عائله ستيفن وهي اسرة سعيدة مكونة من اب وام وخمسة من الابناء دائما مايتلقون الطرود بسبب كثرة شرائهم عبر الانترنت ، ومررت ببعض المنازل التقليدية في الحي الهادئ وانا مستمتع ببرودة الجو الخفيفة التي تضفيها الاشجار المزروعة علي جانبي الطريق وتطربني اصوات العصافير من حولي فابداء بالتمتمة ببعض الاغاني القديمة وابداء بالتفكير في لويزا ، ماذا كان من الممكن ان يكون شكل حياتي ان لم اقابلها . فعلا لا اتخيل اني من الممكن ان افقدها لاي سبب من الاسباب ، قديما كان العمل اشد ازدهارا فقد كانت الرسائل وسيله التواصل الوحيدة اما الان فقد حل الانترنت محلها بتطبيقاتة المتعددة التي لايقتصر عملها علي نقل كلمات جوفاء خاليه كما تفعل الرسائل ولكنها الان تنقل الصوت والصورة ، اعلم ان هذا افضل ولكن كانت الرسائل علي مر التاريخ هي وقود المشاعر الوحيد فكم من جندي في الميدان ارسل رسالة لحبيبتة المتلهفة للقاءه يخبرها فيها عن مدي اشتياقة لها فتقوم بالرد الذي من الممكن ان يصل الي حبيبها بعد مده طويله قد تصل احيانا الي شهر او اكتر وفي الحرب ياعزيزي قد لاتمتلك كل هذا الوقت حتي وصول الرساله فتعود رسالتها اليها مره اخري وهي موقعه بدماء حبيبها الذي قد لقي حتفة اشتياقا قبل ان يلقاه برصاصات الاعداء.
انهيت تسليم الطرود الثقيلة ورجعت الي منزلي الدافئ حتي القي بمتاعبي في احضان لويزا الجميلة ، اعتقد انها قد حضرت لي طعامي المفضل اليوم كما اخبرتني صباحا سمك التونة مع البطاطا يااااه كم اشتاق لتذوق طعمة من ايدي لويزا الجميلة ولكني لن انسي فقد طلبت مني لويزا اليوم ان اجلب باقة زهور حتي تزين بها طاوله العشاء فهي تعتقد ان الزهور دائما تعبر عن الحب والرومانسية وتضفي علي بروده الجو دفئها الخاص ، عرجت في طريقي علي بائعة الورود وحققت لحبيبتي مرادها واسرعت في طريقي الي جنتي الخشبية ، وضعت مفتاحي في الباب وفتحتة ودخلت المنزل ولكن لويزا العزيزة لم تسمع صوت المفتاح كعادتها ولم تاتي مسرعة حتي تستقبلني بقبلاتها الدافئة ورائحتها الاخاذة ، فناديتها بلقبها المفضل ، وردة القرنفل عزيزتي لويزا اين انت لقد عاد حبيبك الي المنزل ولكنها لم تجيب ، والان للاسف قد عرفت السبب فقد رئيت مشهدا انطبع في ذاكرتي واعتقد انه لن يزول منها ابدا كانت لويزا الجميلة ملقاة علي الارض وفي يدها مسدس وفي راسها الجميل ثقب ينزف دماء ، لقد انتحرت لويزا هل انا احلم ؟ .
ايقظوة وتاكدو من سلامة صحتة ، سيد مالكوم هل انت بخير ، فتحت عيني علي مشهد غريب المنزل ممتلئ برجال يبدو من مظهرهم انهم من الشرطه ومعهم رجل سمين يجلس امامي علي الاريكة ويبدو من مظهرة انه رئيسهم ، وجه الي بعض الاسئلة السخيفة التي اعتاد رجال الشرطة علي القائها فاجابته اجابات فاتره يظهر منها جهلي بالسبب الذي دفع لويزا للانتحار كيف يمكن ان تنتحر اكثر النساء تفائل في العالم فمنذ قابلتها ملئت لويزا حياتي سعادة وبهجة لم نتشاجر يوما ولم نختلف حتي في وجهات النظر ما الامر الذي قد يدفعها للانتحار .يئس مني رجال الشرطة فقررو الرحيل وحملو جثة لويزا معهم ليذهبو بها الي المشرحة لمعاينة جسدها لمعرفه ان كانت تتعاطي اي من المواد المخدره ولعل ذلك كان السبب في انتحارها ولكني متاكد انهم لن يجدو اي شئ .
صباحا ذهبت الي العمل واخذت اجازه طويله حتي استطيع تجميع افكاري مرة اخري ، وبالفعل عدت الي المنزل بعد ان قمت بشراء بعض المؤن ، مر يومي الاول طويلا تذكرت ضحكاتها تذكرت نظارتها تذكرت صوتها الدافئ الحنون بكيت كثيرا حتي جفت دموعي لا اراديا تخيلتها تعانقني ولكن اتضح اني عانقت الهواء اصبح المنزل شديد البرودة منذ ان رحلت لويزا ليتني كنت انا من مات بدلا عنها فلويزا معتادة علي فراق الاعزاء فقد فقدت والداها سابقا واعتقد انها كانت ستتكيف علي عدم وجودي سريعا ولكن بالنسبة لي هذة هي المرة الاولي التي افقد فيها عزيزا ،احيانا اسمع بعض الضوضاء في الخارج فاظن ان لويزا قد عادت فاركض مسرعا نحو الباب واقف امامه منتظرا ان ينفتح , احيانا كنت اقترب اكثر واضع اذني علي الباب لعلي اميز صوتها ولكن عقلي ينهرني في غضب ويخبرني انها قد ماتت وان انتظاري لها هو درب من دروب الغباء فاياس واعود الي الاريكة واغوص بداخلها بلا حركة ، استيقظت في احد الايام ولدي رغبة في سماع بعض الموسيقي فتوجهت نحو جرامافون لويزا القديم ، والجرامافون لمن لا يعرفه هو اداه قديمه لسماع الاسطوانات الموسيقية ، كانت لويزا تعشق هذا الجهاز وتحافظ عليه ودائما ماكانت تنظفة من الاتربة بداع او دون داعي فقد كان هذا الجرامافون ملكا لوالدها وقد كان عزيزا جدا عليه لانة قد ورثة هو الاخر من والدة ولكنه لم يكن يعمل كثيرا بسبب ندرة الاسطوانات التي يمكن ان تعمل عليه الان فهو الان قديم الطراز واصبح يستخدم فقط كقطعه ديكور اقتربت منة لانظفة من الاتربة حتي احافظ علي ميراث لويزا المفضل ولكني رايت شيئا غريب رئيت صندوق طرود مكتوب عليه مرسل من السيد سميث الي صديقة العزيز ديفيد مالكوم ، تري من هو سميث وماهي طبيعة معرفتنا السابقة التي تجعله يرسل الي طردا مثل هذا او حتي يدعوني صديقة العزيز ، راجعت شريط حياتي سريعا فلم اجد احدا من اهلي او اصدقائي او حتي معارفي السطحين يدعي السيد سميث ولكن مهلا كيف وصل هذا الطرد الي هنا انا المسئول عن توزيع البريد في هذة المنطقة كيف يعقل ان اوصل طردا الي منزلي دون ان اعرف ، تبا لهذا الطرد الغريب كيف جاء الي هنا ومن هو سميث اللعين هذا ، دققت النظر اكثر فيه فوجدت مدون عليه تاريخ بالفعل كما خطر ببالك عزيزي القارئ كان تاريخ وفاة لويزا اذا لعل هذا الطرد هو سبب ما حل بلويزا المسكينة فتحت الصندوق لاجد بداخله ورقه مكتوب بها ان السيد سميث يبعث الي بارق التحيات وانه يفتقدني ويتمني ان يقابلني قريبا وانه قد بعث لي اسطوانة الجرامافون تلك بعد علمة باني من عشاقه وان تلك الاسطوانة من اندر الاسطوانات التي عثر عليها وانه يحب ان يشاركني فيها بسبب معزتي الخاصة لدية ، كان اسم الاسطوانة معزوفه الشيطان ولكني لم اجد الا غطاء الاسطوانة وانا بالفعل اعرف اين يمكن ان اجدها توجهت الي الجرامافون فوجدت الاسطوانة موجودة علية . فادرت الجهاز وبدائت بالاستماع كانت موسيقي غريبة استلقيت علي الاريكة ونظرت الي السقف وانا اسمع هذة الموسيقي الرائعه بالفعل قد خطفت روحي ، ياااااه انها تبدو بالفعل وكانها ليست موسيقي خاصة بالبشر فجأه تذكرت لويزا تذكرت حنانها وحبها ونعومة ملمسها تذكرت احاديثنا الطويلة امام نيران المدفاءه كانت لويزا بالفعل اهم ما في حياتي بل انها كانت كل حياتي تصاعدت سرعة اللحن ليخلق جوا من الشجن والطرب جعلني اغرق اكثر في ذكرياتي ، هل فعلا يمكن ان انساها هل يمكن ان يحل محلها احد ، ولكن اين يمكن ان اقابل فتاة بمثل برائتها ، جلست معتدلا علي الاريكة ونظرت الي نار المدفاءه وتسائلت هل يمكن لتلك النار التي تحرق كل شئ ان تقضي علي اشتياقي للويزا هلي من الممكن ان يختفي هذا الاحساس الفظيع بالندم هلي ممكن ان تكون لويزا قد انتحرت بسبب احدي تصرفاتي هل يمكن ان تكون قد اكتشفت خيانتي لها في ليلة الكريسماس مع صديقتها روز ، هل يعقل ان تخبرها روز بهذا الامر انا لم اقصد ان اجرحها بخيانتي لها ولكني رجل والرجال من طبعهم الخيانة ، هل من الممكن ان تكون قد حزنت لاني اخبرتها اني قد اصبت بالملل من علاقتنا ولكني قد احضرت لها بعض الورود في المساء واعتذرت لها ، ازدادت سرعه الايقاع فانتابي غضب شديد لابد اني السبب في انتحار لويزا انا قاتل قتلت لويزا البريئة بافعالي انا فعلا لا استحق ان اعيش اسرعت نحو المطبخ واحضرت سكين وقطعت شرايين يدي فانفجر الدم وانساب منها حتي فقدت الوعي.
استيقظ ، استيقظ ايها الملعون ، فتحت عيني لاجدة امامي رجل عجوز شاحب اللون ينظر الي بنظرة خبيثة ويعتلي شفتية ضحكة صفراء غريبة ، سالتة باستغراب اين انا ومن تكون ، ابتعد عني قليلا وتصاعدت اصوت ضحكاتة العالية حتي ملئت المكان ، لا اخفي عليكم الامر فقد شعرت بخوف كبير ، فاستدار نحوي واقترب وجلس بجواري علي الاريكة ، ثم قرب شفتية من اذني وهمس فيها ” انا السيد سميث الا تعرفني ، هل اعجبتك موسيقاي الرائعة ياعزيزي ؟ كان من المفترض ان تلحق بحبيبتك لويزا ولكنك نجوت ايها المحظوظ من تأثير موسيقاي السوداء ” نظرت نحوة لاجد هيئتة قد تبدلت واصبح شابا قويا مفتول العضلات ، ثم تعالت ضحكاتة مره اخري واختفي فجاءه نظرت حولي لاجد نفسي في غرفة بيضاء واسعة بها بعض الاثاث ولها باب كبير مغلق ، ذهبت نحوة وحاولت ان افتحة ولكنة ابي ان ينفتح ، فطرقت الباب بقوة لعل احدا يسمعني ويحررني من سجني ولكن لم يجيبني احد فاخذت اصرخ حتي انقطع صوتي فجلست علي الارض مسندا ظهري الي الباب مستسلما للامر وسرحت بتفكيري في لويزا.
“لم تتحسن حالته منذ ان احضروه الي هنا ” قالها رجل يبدو علي هيئتة الوقار يبدو من مظهرة انه طبيب الي رجل اخر يشبهه في الهيئة ، لقد وجدو المسكين مقطوع الشراين مشرفا علي الموت فاسرعو بة الي المستشفي وانقذو حياتة ولكن للاسف اصيب بمرض نفسي غريب فهوة يستيقظ كل يوم ويتحدث الي شخص غير موجود بالغرفة بكلام غير مفهووم ثم تعتلية حالة من الغضب وياخذ بالصراخ ثم يسكن وينام وعندما يستيقظ يكرر نفس فعلته السابق’ لقد سمعت احد رجال الشرطة الذين قاموا باحضارة الي المصحة يخبر صديقة انه رجل وفي حزن علي وفاة حبيبتة واراد ان يلحق بها ولكن انقذتة الرعاية الالهية ، ولكن اغرب ما في الامر هو صديق له يرسل اليه رساله كل يوم علي عنوان المصحة موقعه باسم السيد سميث وللاسف لم نستطع ان نسلمها له نظرا لانعزاله عن الواقع وعندما وصلنا الكثير من الرسايل قمنها بفتحها لنجد بها سؤال واحد ” هل اعجبتك موسيقاي ياعزيزي ؟ ”
تمت