شعرت ببرودة شديدة فى أطرافى وبدأت دقات قلبى تعلو وحاولت مناداته مرة أخرى ولكن بغتة توقف صوتى فى حلقى حينما شعرت بيد توضع على كتفى ..أفلتت صرخة من فمى ثم سمعت صوت مدحت محاولا تهدئتى :ماذا بك يا داليا ؟ هذا أنا ..مابالك ذعرت بهذا الشكل؟
هدئت قليلا وحاولت السيطرة على رجفة صوتى وأنا اجيبه :
– لا بأس لقد خفت قليلا حينما لم أجدك بجانبى وناديت عليك ولم تجب ثم أردفت متسائلة: أين اختفيت بحق السماء ؟
رد بشرود : لا شىء لقد صعدت لتفقد الطابق الثانى
امعنت النظر اليه وقد هالنى امتقاع وجهه ثم سألته : ولماذا لم تنتظر حتى اتى معك لأراه ؟
رد متلعثما : لا لا لن يمكننا ذلك فمفاتيح الطابق غير موجودة ولا أدرى مكانها .فلنكتفى بهذا الطابق الأيام التى سنقضيها هنا
أجبته بغيظ مكبوت : ولكنك ظللت هناك اكثر من ثلثى الساعة فكيف دخلته اذن ؟!!!!
رد بعصبية : قلت لك الطابق مغلق كفى عن فضولك هذا
وتركنى وقد أشتعل فضولى أكثر من أى وقت سابق
أسرعت خلفه متسائلة بغضب : هل سنمكث هنا أسبوعا على تلك الحالة ؟ يجب ان تبحث عمن ينظف لنا المكان انا لا اجد حتى شبرا نظيفا ترقد فيه الطفلة
غمغم بشرود : ومن سيقبل ؟ ثم استدرك : سنحاول معا تنظيف غرفة على الأقل حتى نجد من يعتنى بها
واتجه الى غرفة سامح لكننى هتفت به : لن أنام بتلك الغرفة
نظر لى متعجبا فعاجلته قائلة: انها قذرة جدا وتحتاج الى جهد كبير لتنظيفها ولكن ما لم أصارحه به انها مقبضة وتثير الرعدة فى جسدى كلما مررت بها
هز مدحت رأسه متفهما وقال : اذن ليس امامنا سوى غرفة المعيشة فقد كانت طوال الوقت مغلقة ولم يكن احد يستخدمها
وقادنى الى رواق قصير فى اخره غرفة مغلقة فتحها ثم أدار زر الكهرباء لكنها ظلت مظلمة كما هى الا من أشعة الشمس الغاربة التى أضفت جوا مرعبا على المكان
ذهب مدحت لتفقد لوحة الكهرباء فى المطبخ وعدت بنظرى الى الغرفة ميزت عيناى أريكة كبيرة من النوع الذى يتحول الى فراش وفى مواجهتها مكتبة ضخمة تحوى جهاز تليفزيون عتيق وبعض التحف ولمعت عيناى بالشغف عندما رأيت العديد من الأدراج على جانبيها وابتسمت محدثة نفسى : لك أن تنكشى كما تريدين أيتها النكاشة?
كنت قد وضعت عند دخولى ابنتى النائمة بعمق على الأريكة و انشغلت بمحتويات الغرفة كما وصفت لكننى شعرت بحركة خفيفة فالتفتت اليها لأجدها تنظر بتركيز الى جانب من الغرفة وتبتسم ابتسامة واسعة نظرت الى اتجاه عينيها متوقعة ان اجد مدحت قد عاد وأخذ يداعبها من بعيد كعادته ولكن لدهشتى لم أجد احدا.. فقط ستار كبير بعرض الحائط .
أجفلت عندما أضاءت الغرفة فجأة وسمعت صوت زوجى اتيا من الرواق متسائلا هل أضاءت الكهرباء ام لا ؟ اجبته شاردة ان نعم
ثم نظرت الى ابنتى فوجدتها قد غفت من جديد
قضينا الساعات المتبقية من اليوم ما بين تنظيف الغرفة واعدادها للنوم وما بين تناول بعض المعلبات وما بين محاولات زوجى تشغيل التلفاز
كان كل منا ساهما ولم نتبادل سوى بعض الكلمات القليلة وعندما انتصف الليل فردنا الأريكة لتتحول الى فراش مريح ثم خلدنا الى النوم وعندما أطفأ مدحت مصباح الغرفة رجوته أن يضىء الأباجورة بضوء خفيف متعللة بجودى
وسرعان ما غط مدحت فى النوم أما أنا فلم يغمض لى جفن وهو شىء تعودت عليه عند المبيت فى مكان غريب وقد أظل اياما يجافينى النوم حتى أعتاد على مكانى الجديد .. ولكننى تلك الليلة تمنيت أن يأتينى النوم بأى شكل حتى تمر تلك الليلة الغريبة
بكت طفلتى فجلست فى فراشى وحملتها لأرضعها كنت معطية ظهرى لباب الغرفة وفجأة وقف شعر رأسى رعبا حينما وجدت جودى تنظر الى باب الغرفة وتضحك
لم أجرؤ على النظر خلفى احتضنتها ودسست نفسى تحت الغطاء وأنا أرتعد ومن فرط رعبى أغمضت عينى بقوة ويبدو اننى غفوت قليلا
حتى استيقظت على صوت دقات متتالية وببعض التركيز وجدت انها اتية من فوقى من السقف تحديدا ظننت اننى واهمة فأرهفت أذناى مرة أخرى بتركيز أكثر وتأكدت بالفعل انها اتية من الطابق الأعلى
كانت دقات خفيفة ولكنها منتظمة ومتتالية كأن احدهم يحاول لفت الانتباه
كدت اموت رعبا واستدرت كى أوقظ مدحت ولكنى وجدت مكانه خاليا
وسمعت ضحكة طفلتى من جديد وكانت تلك المرة تنظر الى السقف.
يتبع ،،،