لو عايزين نبني البلد دي صح، يبقى لازم نشتغل صح.
والحقيقة انا مش عارف مجلس النواب أنجز ايه بالضبط؟ مجلس النواب، اللي معاه سلطة التشريع، واقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، واللي بيمارس بحكم الدستور الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، مش عارف يخلص قانون الاستثمار، ولا قانون العمل، ولا قانون التأمين الصحي، فين القوانين اللي بتمنع الممارسات الاحتكارية؟ وفين قوانين ضبط الأسعار وحماية المستهلك؟ فين التشريعات اللي هاتصلح وتبني يا مجلس؟
مش بس كده، المجلس الموقر بيشرع لنا قوانين صعبة التنفيذ، قوانين صياغتها مطاطة، بتسمح بتفسيرات متعددة، ومتناقضة أحيانا، عندك مثلا قانون الضريبة على القيمة المضافة، مليان مشاكل، ولغاية دلوقتي مش عارفين نطبقه في قطاعات كتيرة بسبب الصياغة غير المدروسة، وبالمناسبة مش كل الخدمات الصحية معفاة من ضريبة القيمة المضافة، الأطباء المهنيين مكلفين بتحصيل ضريبة 10% وتوريدها، اسمها ضريبة الجدول، حتى اسمها دمه تقيل، والموضوع ده محتاج شرح في مقالات تانية، مش مجاله دلوقتي.
أعضاء مجلس النواب الموقرين، كان المفروض يوم الخميس 27 ابريل، يقروا قانون العلاوة الخاصة لغير المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية، وده ما حصلش، ما حصلش ليه يا سادة؟ لأن النصاب القانوني ما اكتملش، مطلوب تلتين، مش موجودين، ما حضروش، رغم ان العلاوة دي مهمة جدا لفئة عريضة من المجتمع، محتاجينها علشان يواجهوا زيادة الأسعار اللي ما حدش عارف يحكمها، لا المجلس بسلطاته، ولا السلطة التنفيذية بمؤسساتها. الله يكرمكم يا سادة، وحياة مصر، ابقوا احضروا الجلسات المهمة دي، إنتم بحكم الدستور متفرغين لمهام العضوية، والتفرغ ده معناه انكم تحضروا الجلسات.
تفتق ذهن أحد أعضاء مجلس النواب الموقرين، إنه يقترح مشروع بقانون يهدف إلى تفرغ الأطباء للعمل الحكومي، فلا يسمح لهم بالعمل في القطاع الخاص، ولا في عياداتهم الخاصة، على أساس إن مشاكل الصحة هاتتحل بتفرغ الطبيب.
والسؤال هو: هل فعلا تفرغ الأطباء للعمل الحكومي سيؤدي إلى إصلاح منظومة الصحة؟ الحقيقة ما اقدرش أجاوب، وعلشان أجاوب محتاج دراسة أساسها قاعدة البيانات والمعلومات ودراسة الواقع.
محتاجين نعرف حاجات كتيرة قبل ما نجاوب على السؤال: مصر فيها كام مستشفى تابعة لقطاعات الدولة اللي قلنا عليها قبل كده: وزارة الصحة، والتأمين الصحي، والمستشفيات الجامعية، والمراكز الطبية المتخصصة، وهيئة المعاهد التعليمية، الخ….، وفيها كام مستشفى خاص؟ وكام مستشفى تابعة لشركات؟ وكام مستشفى تابعة للجمعيات الأهلية؟ وايه نوع الخدمات في المستشفيات دي؟ والمستشفيات دي فيها كام سرير في كل قسم؟ ونسبة اشغال كل سرير اد ايه؟ مش بس كده، المستشفيات دي، توزيعها الجغرافي عامل ازاي؟ وعندنا كام مركز بيقدم خدمات صحية أولية؟
وفي كل مستشفى ومركز: عندنا كام دكتور في كل تخصص؟ وكام منهم موجودين حاليا في مصر؟ وكام دكتور برة مصر؟ والجامعات عندنا بتخرج كام دكتور في السنة؟ يكفونا واللا ما يكفوناش؟ مش يمكن عندنا عجز في الأطباء؟ كل المعلومات دي محتاجينها كمان في التمريض والفنيين والعاملين في المجال الصحي.
لا يا سادة، كفاية الله يكرمكم، عايزين نشتغل باسس علمية وقاعدة بيانات سليمة، بلاش نشتغل بنظام الفكرة اللي بتيجي في البال، فنتحمس لها من غير ما ندرسها، ونكتشف بعد كده انها ما تنفعش، كل ده مضيعة للوقت وللمجهود.
إذا كانت الدراسة موجودة، ياريت عضو المجلس الموقر يعرضها على المجتمع، بمبدأ التشاور للوصول لأفضل الحلول، بس صدقوني، مافيش دراسة اتعملت، علشان معظم المعلومات دي أصلا مش موجودة.
د. أحمد نزيه أبوراس
– عضو مجلس ادارة غرفة مقدمي الخدمات الصحية التابعة لاتحاد الصناعات
– عضو مجلس نقابة أطباء الاسكندرية
– عضو لجنة العمل ولجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصري