‘‘ كان عليا دين قرض ب 600 جنيه و كانت الست الي سالفة منها كل يوم تيجي تشتمني عند البيت وتهددني ادام البنات انها هتشتكيني في القسم، مكنتش بنام و كنت بروح الشغل و الدنيا بتلف بيا من التفكير و الخوف علي العيال لحد ما حسوا بيا في الجمعية اني مش طبيعية و قعدوا معايا فحكيت لهم المشكلة اللي انا فيها و سبحان الله لقيتهم بيقولولي دلينا عليها و احنا هنسدد عنك دينك‘‘
بعدها دخل علينا الشتا و البيت كان اصلا آيل للسقوط و مع دخلة الشتا الجامد غرقنا في مية المجاري و وقع البيت فوق روسنا، روحت اجري علي الجمعية بعد ما بقيت انا و عيالي في الشارع في عز البرد و الشتا.
قلتلهم ان بيتي وقع و مش عارفة اروح فين اجرولي شقة في نفس اليوم و بلغوني انهم هيبنولي البيت… بصراحة مصدقتش و قلت يمكن بيطمنوني و خلاص… اصل مين في الزمن دا بيبني بيت لحد… بيساعدوا اه بس اكيد مش للدرجة دي… لكن سبحان الله لقيتهم ابتدوا يتصلوا بمهندسين و ناس تيجي تشوف البيت و بعد اسبوعين بدأوا بناء بجد و بعد 3 شهور بقي عندي بيت من غير فيران و من غير مجاري طافحة و بمواسير صرف و قعدة افرنجي بعد العربي و سيراميك و شبابيك خشب بعد ما كانت ورق كرتون و باب شارع و باب شقة زينا زي البني ادميين.
تعود الحكاية لسنوات عديدة ترويها صباح بتلقائيتها الطبيعية فتقول … ( ابويا مكنش بيجيب لنا حتي هدوم عيد، كان متجوز مرتين علي امي، حاجات كتير حرمنا منها حتي التعليم L ما عدا اختي الصغيرة عماتي هما اللي ودوها المدرسة و هي كبيرة اما راحت عاشت معاهم في البلد، كملت هناك لحد تانية اعدادي و وقفت بس .. بس اقله بتعرف تقرا و تكتب مش زينا L
بهذه الكلمات بدأت صباح – المرأة المعيلة – قصتها مؤكدة ولدت فى منطقة اسمها جبل مهران في القباري، و قضيت فيه السنوات الاولي من طفولتى، كانت طفولة صعبة، ابويا عاش معانا كام سنة علي الجبل لا شغلة و لا مشغلة لحد ما واحدة من عماتي جابت له شغل في الفلاحين غفير للكراكات اللي بتفحر الارض و سافرنا قعدنا في الفلاحين كلنا عشان شغل ابويا الجديد….
اول حاجة عملها انه شغلني في الغيطان ازرع طماطم و اما تطلع نروح نجمعها – قعدة الفلاحين مكنتش عاجبة صباح و دايما كان نفسها ترجع اسكندرية تاني بس كانت مترددة عشان ميصحش و عيب و مينفعش تسيب اهلها و بعدين هتعد مع مين في اسكندرية مفيش غير اخواتها الصبيان و ميصحش تعد معاهم لانهم شباب، العرف بيقول كدا – لكنها حسمت امرها اما ابوها جابلها عريس في سنها و يمكن اكبر حبتين يعني بينها و بينه حوالي 30 سنة، كانت صباح بالنسبة له فرصة يجيب من وراها قرش مرة بالشغل و مرة بالجواز و اهو قرر يبعها و يقبض التمن، في اللحظة دي بس حسمت امرها و قررت ترجع اسكندرية مرة تانية بس مش هتعد مع اخواتها الرجالة دي هترجع لعمتها اللي سابت البلد من فترة صغيرة و رجعت اسكندرية.
و تكمل صباح (قعدت مع عمتي لانه مينفعش اعد مع اخواتي الرجالة لوحدي و انا بنت و في نفس الوقت عمتي كانت محتاجة خدمة، كان عندها سرطان و شايلة صدرها، و ما صدقت حد يخدمها و يريح بناتها فكانت كل ما اتخطب متممشي الخطوبة عشان خدمتها، وفي الاخر جوزتني واحد ساكن بطوله في اوضة عندها بقاله عشر سنين عايش لوحده كان اكبر مني بخمس و عشرين سنة و اكتر.
كان اهم حاجة انها تضمن اني افضل جنبها عشان خدمتها، وافقت بيه قلت الاقي بيت لوحدي، لكن للاسف كان شخصيته ضعيفة ادام عمتي و كان ممكن تضربني ادامه او تخلي حد من بناتها يضربني عشان ايجارالاوضة، و وصل بيها الامر انها تمنعني من اني اطلع معاه طول ما معناش فلوس ندفع الايجار.
صباح كانت حرفيا بتهرب من جحيم لجحيم اكبر من غير ما تحس، بعد الجواز بدأت مأساه تانية لان خلفتها كلها بنات.!!
تضيف .. اول ما ربنا كرمني ببنت فرح بيها شوية و اما جيبت البنت التانية زعل و مجاش اصلا المستشفي و مكنش بيحضر معانا سبوع و لا عيد، تالت بنت عينه اتحوليت من الزعل و اول ما حملت تاني و عرف انها بنت ضربني بالرجل في بطني و جالي نزيف من الخامس بس البنت كانت عايشة و اتولدت في السابع و ساب البيت و مشي كام شهر و بعد كدا رجع و مكنتش اعرف بيروح فين و لا اعرف له طريق اهل عشان اروح و اشتكيه ليهم …..
صباح فضلت تخلف علي امل انها تجيب الولد!!
جابت خمس بنات حملهم يهد جبل من اكل لشرب للبس و مدارس و مواصلات… قررت تعمل دكان في دخلة بيتها بتاعها بقيت تبيع بسكوتات و كاراتيهات و مكرونة مطبوخة بس استدانت بسبب ان العيال كانت بتاكل الحاجة…!!
تقول صباح .. كان عندي بنتين في المدرسة مقدرتش ادخل التالتة عشان المصاريف.. دخلت التالتة اما الاولي رفضت تروح المدرسة و طلعت من سنة ساتة، كنت باخد التلات بنات و نقف في طابور العيش من 7 الصبح لحد الساعة 11 و نجيب بعشرة جنيه عيش و ابيعهم لمطعم و يطلع لنا في الشغلانة دي 10 جنيه مكسب مع كام طبق مكرونة بنبيعهم و ممشيين الدنيا بعدها بقي العيش بالبطاقة و انا معنديش بطاقة لان بطاقة جوزي علي الصعيد فمعرفتش اكمل في الحوار دا .
(( اضطرت صباح انها تدور علي شغل برة و فعلا بدات تشتغل في البيوت لحد ما لقيت شغل في جمعية انقاذ حياة طفل ، اشتغلت عاملة في الجمعية))
تؤكد صباح سدت الجمعية ديني بعد ان عملت بها، وكمان بنوا بيتى، بعد كدا بدات الجمعية تعلم الحالات صناعة الصابون و الديتول و الداوني … طلبت مني الدكتورة المسئولة عن المشوار دا اني اتعلم و احضر معاها… قلتلها مش هعرف و لا افهم في الحاجات دي عشان انا مش متعلمة و الحاجات دي عايزة حد بيفهم… قالتلي لا هتتعلمي و هتقدري تشتغليه و انا هوريكي ازاي تشتغلي من غير ما تحتاجي قراية و كتابة المهم تركزي معايا و فعلا بدات تعلمني و علمت معايا كذا حد من الحالات اللي بيعرفوا يقروا و يكتبوا محدش اتعلم الحاجات دي غيري و بقيت بفهم كويس و بقالي سنتين شغالة في المشوار دا جنب شغلي في الجمعية و الحالات اللي فاتحة محلات منظفات بقيت بتاخد مني.
ايوبا تعب جامد و جاله سرطان فطلبت من الجمعية تساعدني في علاجه و فعلا ساعدوني… كنت واقفة جنبه عشان خاطر ربنا… اما مات حزنت عليه مكنتش متوقعة اني احزن عليه و بفرق علي روحه قرص كمان…
قبل ما يموت كان نفسه في الشيكولاتة قمنا انا و اختي بعد موته جايبين علبتين شوكولاته كادبوري من ام 3 جنيه و فرقناها علي العيال في الشارع علي روحه.
حياتي اتغيرت كتيييير للاحسن في المكان دا بقيت شغالة و بقي في ايدي قرش و حياة عيالي كمان اتحسنت يكفي ان كلهم دلواتي في التعليم حتي الكبيرة اللي خرجتها من التعليم رجعت المدرسة تاني بس منازل… بقيت اودي حضانة و اودي دروس قرآن كمان… الاول مكنتش بودي حضانة عشان مكنش فيه معايا فلوس و اقول كفاية المدرسة…دلواتي عيالي بقوا بيجوا معايا الجمعية و ياخدوا انجليزي و عربي… دلواتي بياكلوا اللي في نفسهم و بجيب لهم فاكهة و بقينا بنطبخ علي طول في البيت… و ربنا يقدرني و اكمل معاهم لحد ما اعلمهم كلهم.
كتبت : ايمان سلام
لدينا حالات كثيرة مثل صباح .. نحتاج لدعمك ولجهدك
309 تقسيم الضرائب خلف جاد سموحة – الإسكندرية
01272222468 – 01272222463
#سيبلك_في_الأرض_علامة_تشهدلك_يوم_القيامة