تنبه شبكة التواصل الاجتماعي Facebook عبر المشتركين بها أن الدعوة للجميع للقاء على موائد الرحمن في رمضان، يا لها من سخرية القدر، ولكن بعد أيام قليلة يهل شهر رمضان علينا، أعاده الله عليكم بالخير وسعة الرزق وكرم الله، وتهل علينا موائد الرحمن.
تلك الموائد التي بقدر انها فرصة لمن لا يملك طعام يومي يحتوي على قطعة لحم أو دبوس دجاجة يومياّ أو طبق من الخضار الذي ارتفعت أسعاره جداً، بقدر تلك الفرصة إلا انها تحزن، فهي دليل على أن هناك فقراء ان لم يفوزوا في الحصول على وجبة في احدي الموائد قد يكملوا يومهم صائمين.
أتذكر أن منذ ظهرت وانتشرت تلك الظاهرة في سنوات الثمانينات والتسعينات كانت ظاهرة مزعجة تعلن عن ارتفاع درجة الفقر في الطعام، صحيح كانت الموائد محدودة العدد وكان القائم بها ممولها يستعرض قدراته و امكانياته، وكان الغلابة إذا دخلوا وتناولوا إفطار رمضان خرجوا منبهرين من أصناف الطعام التي لا يروها (ولا في السيما) إلا أنها كانت مؤشر مؤلم جدا عن اتساع الفارق في الطبقات بجانب ارتفاع نسبة الفقر، وبدأت الظاهرة في التكاثر ثم تحولت الموائد في العشرين سنة الأخيرة بالتدريج إلى ضرورة فلو لم تقام تلك الموائد لا عزاء للصائم في كسرة خبز، معظم الناس يفرح بمشهد الموائد لأن الخير كثير أما أنا ومؤكد هناك مثلي من يجمع بين شعورين الحزن: لانها مظاهر للفقر اللعين والحوجة الموجعة فأحزن حين يقترب أحدهم من احدي الموائد فيجد العدد مكتمل.
وفي نفس الوقت الفرح: للفائز بتلك الوجبة بعد شقاء وجوع وعطش لم يكن بستطيع شراء ربعها تسد جزء من جوعه شعور صعب أن تفرح وتحزن في نفس الوقت، ومن جهة أخرى تعجبت مما سمعته في حوار لاحد من يقيمون إحدى الموائد عن ظروف تلك الأيام الصعبة فسمعت حواره مع آخر بنيتهم في تخفيض عدد الوجبات أو استبدال قائمة الطعام بأنواع أدنى وأقل في السعر! لكن طبعا لا عجب فالحالة العامة مؤثرة على الجميع واعتقد أنها أول مرة تعم حالة كتلك مؤكد انه سيتراجع ويعود كما كان في الأعوام السابقة. فهناك من يضع آمالا في طعام لن يناله في باقي شهور العام . صحيح الله يلعنها الحوجة لو كان الفقر رجلاً لقتلته.