حين تختلط القهوة بالحب .. هل تكون مذكرات عن الحب أم عن القهوة؟
قهوة كَحُبِك
أوراق من دفتر مذكرات الحب .. والقهوة.
بقلم: منى عبد العزيز
صباح الخير أيها القريب .. أيها المقيم على أعتاب القلب .. حارساً عتيداً تمنع من يمر من الاقتراب أو العبث بأسراره .. صباح جميل كقلبك .. ناصع البياض والوضوح كمبادئك .. مغرق في الفروسية والنبل كأخلاقك .. تظهر به السحب قريبة لناظري كقربك لقلبي .. وتشرق به الشمس جميلة دافئة كإشراقك بحياتي .. تلك صباحات قهوتي التي وجدتني أشربها كل يوم مستمدة حالتها من حالة قلبي ومزاجي الخاص معك وبك وبأيامي .. انها قهوة كل يوم .. لكنها كل يوم قهوة .. كحُبِك،،،
– 1 –
قهوتي اليوم منعشة للغاية .. منعشة بطعم البدايات .. مبهجة وطازجة .. تتلمس العقل والقلب معاً .. كولومبية الموطن شرقية المُستقر ناعمة الملمس .. تتغلغل رائحتها لعقلي فتنعشه وتملؤه حباً وإقبالاً على الحياة .. تدلل حواسي كلها .. تلفحني رائحة حباتها المسحوقة بشدة فتجعلني مستعدة لخوض مغامرة كحُبِك.
جميلة هي البدايات .. مغرية للغاية وواعدة للقلوب .. في البدايات .. يبتهج القلب وتتراقص دقاته الغاوية .. تهفو العين لأن تنعم بالنظر لطيفٍ كلما غاب اشتعل الشوق أكثر وأكثر .. تعلو التوقعات ويغيب العقل أحياناً .. في البدايات .. لا نرى سوي ما نتمنى .. ولا نتخيل سوى ما يسعدنا .. في البدايات نكون النسخة والأفضل والأروع من أنفسنا .. ربما تكون خادعة أحياناً .. لكنها بلا جدال الأجمل والأكثر شغفاً وبراءة.
– 2 –
قهوتي اليوم مختلطة بطعم نصيحة من سبقونا من العاشقين .. هؤلاء الذين لا نستمع اليهم أبداً .. ثم ندرك بعد حين أنه كان يجب علينا أن نستمع وندرك ما يقولون جيداً.
ذهبت لمحل قهوتي المفضل .. كي أحضر البن الخاص بي وأحتسي قهوتي في هدوء .. طلبت ما أحبه كعادتي دائماً .. قهوة فاتحة محوجة بها الكثير من التحويجة الطازجة .. رائحة تجعلني أفيق كثيراً رغم أني مهمومة اليوم ولا أرجو للتركيز سبيلا! .. قصدت ركن قصي انفردت بنفسي فيه .. جلست لحين إعداد البن الخاص بي .. أشعلت سيجارتي، وبدأت في احتساء فنجان قهوة من المتعة الخالصة، فهم يجيدون صنعه هنا بمنتهي الحب والإتقان .. سرحت وأطلقت نظري وأفكاري في شرودً كبير.
اختلط دخان سيجارتي مع عبق القهوة وبخار الماء الذي يملأ الجو في ذاك الصباح الشتوي البارد، حتى قاطعني صوت يقطر طيبة وشجناً .. صوت امرأة عرفت الكثير في أيامها .. بادرتني قائلة «ثمة من يعشق هنا»!
التفتُ لملامحها الطيبة فوجدتها ترمقني بإشفاقٍ وكأنها تعلم ما أمر به من هموم العاشقين .. أزحتُ شعيراتي من على عيناي ونظرتُ لها نظرة الموافق على ما تقول .. قلت لها: «وهل يبدو علىَّ العشق لتلك الدرجة؟!»
فابتسمت السيدة مشفقة ومجيبة: «حُزن المحبين حين يسكن العيون .. لا شيئ يشبهه حينها .. لا يميزه أحد قدر من مروا به من قبل وسكن عيونهم لليالٍ مضنية .. يسكن ويحتل العيون فتصير بئراً لا قرار له من الشجن .. بئراً من العذاب».
لوحت لها بيدي قائلة: «وهل لنا في الحب اختيار يا سيدتي؟ هل هناك أي إرادة قد نجرب استخدامها إن أردنا مع تلك المشاعر المتضاربة؟»
ابتسمت السيدة ابتسامة بها كثير من الشجن ثم قالت: «نعم يا بنيتي .. قد يبدو أنه ليس لنا خيار ولا حيلة مع الحب ولا مع الرجال .. لكنني سأقولها لك .. علكِ تقنعين … عامليه كما تعاملين قهوتك، أحبيها بشدة وقت تناولها، احتفى بها ودلليها كما يجب أن يكون التدليل، ثم انسيها تماماً حتى يحين وقت الفنجان التالي» .. ثم ضحكت مشيرة بطرف عينيها «وربما اللقاء التالي» .. ثم استطردت في جدية وإشفاق ملفتين «أتدرين إن جلستِ طوال الوقت تتأملين قهوتك وتتغزلين فيها وتدللينها كيف سيكون الأمر؟! .. ستملينها .. وحتماً ستملك ملل العمر كله .. فلا تفعلينها».
– 3 –
قهوتي اليوم عاقلة كعقلك .. «مظبوطة» كما يسمونها .. رزينة وهادئة .. لا هي تتفجر غواية وجمال .. ولا هي تقطر مرارة فتوجع روحي كمرارة جفاء العاشقين أحياناً.
كثيرون هم من يجدون في حالة العقل والهدوء .. في حالة الرزانة أو كما أراها الرتابة .. يجدون ركناً آمناً وهادئاً، بعيداً عن عواصف الحب الهادرة .. لا أصدقهم ولا أستطيع إستيعابهم .. فهم يجدون هدوءهم ومكمن سكون أرواحهم في حالة اللا سلم واللا حرب التي يعيشونها في تلك الأجواء اـ «مظبوطة» ويالها من أجواء! .. يرونها تغذي قلوبهم وعقولهم فهم في حالة عشق .. لكنه عشق هادئ غير موجع وجع الموت .. ولا مفرح فرحة الحياة .. يقولون أنه عشق .. كيف لهم ذلك؟!
ذاك العشق الباهت الذي أراني لا أستطيع معايشته، لكنك أجبرتني اليوم على تجرعه فشربته قهوة مضبوطة لا تعبر عن شيئ .. تجرعتها في لا مبالاة وأنا لا ألوي عن أمري شيئاً .. في هدوء وصبر وربما قلة حيلة.
قهوتي اليوم باردة الروح ساخنة الملمس .. لا تتعلق بشيئ ولا شيئ يزعم تعلقه بتلك الباردة .. فالتعلق يا هادئ المظهر ضرب من ضروب المقامرة أنَّى للعاشقين أن يتجنبونه؟!
قهوتي اليوم عاقلة ومضبوطة .. ربما لأنني أحاول أن أجعلها معلمتي وملهمتي .. ربما قبلت اليوم تجرعها على حالتها تلك علني أستطيع التعقل .. علني أركن لذاك الهدوء وتلك الوسطية المزعومة، فأتمهل ولو قليلاً .. في عشقك.
– 4 –
قهوتي اليوم مختلطة بطعم المغامرة .. حبات قهوة قوية أقنعتني بتجربتها، فالمغامرة جزء لا يتجزأ من طبيعتك أيها المغامر المتهور .. تناولتها واستمتعت كثيراً بنكهتها الحادة القوية التي تسللت لعقلي فأنهكته.
يقظة شديدة اجتاحتني بعد تناولها .. وجدتني أتأمل تفاصيلك وأزداد تعلقاً بها .. ووجدتك تُبدي انزعاجاً قوياً من ذلك الاهتمام .. وما يضيرك من جرعة اهتمام ملكية أيها الغريب؟! .. ألا يجلب الاهتمام بالتفاصيل السعادة؟! ألا تعتقد ذلك؟! .. عن نفسي أسعد وبشدة من اهتمامك بتفاصيلي .. لا أنزعج على الاطلاق من اهتمامك بقهوتي وورودي ومزاجي الخاص .. لا أنزعج من اهتمامك بأحلامي وأفكاري وكل أيامي .. لكن يبدو أن اختلاف طبيعة التفاصيل بيننا جعلها مزعجة لك .. فأنت تملك تفاصيل ربما تعتبرها أسرار وربما تعتبرها لا تهم غيرك فتتعجب لتطرقي لها .. مختلفون أنتم عنا معشر الرجال .. هستيريون للغاية في طلباتكم لبعض الخصوصية أو كثير منها .. هل الأمر بتلك الجدية؟! أو بتلك السرية؟! أم أنه إثبات لسيادة وهمية؟! أم ماذا؟!
نحن نرى التفاصيل حب .. وأنتم ترونها اقتحام .. ليكن.
مرت الساعات وانتهى تأثير قهوة المغامرة الإيطالية الصنع .. عدت لرشدي ولاهتمامى المعتدل بك، وانصرفت عن تفاصيلك المزعجة لك .. ولي .. لكنى لن أتنازل عن رغبتي فى أن تظل تهتم بي دوماً .. وإلى الأبد يا غريب.
– 5 –
قهوتي اليوم خالية من الحلا .. «سادة» كما يقولون .. لرائحتها مرارة عذبة لكنها معذبة لروحي .. قاسية هى اليوم كبعدك .. خالية من كل دفء أبتغيه .. داكنة اللون وإن كانت شهية الطعم والرائحة .. مصنوعة من حبات بن قاست الأمرين في تحويجها حتى صارت داكنة اللون بشكل لا يحتمل .. أتعجب لمن كانت تلك الحبات الداكنة اللون القاسية المظهر هي المفضلة لديهم! أتساءل عن أحوال أرواحهم .. ربما كنت متعبة ومنهكة كتلك الحبات المحترقة!
ذكرتني تلك الحبات القاسية اللون بقسوتك معي .. كيف تستطيع إدراك تلك القسوة وممارستها معي .. حتى لو كانت تلك طبيعتك كرجل .. تمضي وسط صعاب كثيرة تحيا بينها فتتمرس على العيش وسط تلك الصعاب وتألفها بعد ذلك .. لكنني لا أرى أنني أستحقها منك أبداً .. لم يخلقنا الله كنساء لتمارسوا علينا قسوتكم بلا مراجعة للنفس ولا تراجع .. لم يخلقنا لتلفحنا قسوتكم فنتحول .. نترك ليننا وطبيعتنا الأولى .. نخبئها كما نخبئ الأسرار وربما الأخطاء .. ونستعد لمواجهتكم .. قاسيات متحولات لا نهتم باللوم ولا نرغب في التراجع ولو رأينا أن ما نحن عليه الآن هو الباطل وطعن الفطرة!!
اليوم .. تجرعت قهوتي السوداء وأنا أتجرع مرارة قسوتك على نفسي وعلى قلبي .. تلك القسوة التي حولتني كثيراً وربما وهبتني بعضاً من طبيعتها لأواجهك بوجه جديد .. يختلف كل الاختلاف عن وجهي السابق معك .. أتراك بعد ذاك التحول الذي أدين لك به .. راضٍ؟! أتراك تدرك أني صنيعتك القاسية جداً؟!!!
– 6 –
قهوتي اليوم ليست صباحية .. فقد سهرتُ كثيراً .. تقلبت على فراش الحيرة أفكر في فلسفة الغفران .. تركت لي صديقتي السؤال ليلاً وغابت .. ذهبت هي وبقي سؤالها الموجع عن حبيبها .. هل أغفر له؟ هل أعيده لحياتي؟
إستيقظتُ معكرة المزاج بتلك الأفكار فالتقطت «برطمان» من القهوة العربية .. ما إن فتحته حتى لفحتني رائحة الحبهان والجنزبيل بقوة .. ربما هذا ما كنتُ أحتاجه مع فكرة مربكة بل ومهلكة كفكرة الفرصة الثانية أو الغفران التي كنت أفكر بها .. قويات نحن نساء الشرق .. بنا شيئ مختلف مهما أنكرتم ذلك .. شيئ لا يوجد بنساء العالم أجمع .. الغفران .. وربما عدم التخلي بسهولة .. في الغرب يتخلين بسهولة عن رجالهن عند أول خطأ .. أما نحن .. ربما حباً وربما تعوداً وربما ضعفاً لا نتخلى بسهولة .. نستميت في التشبث ولا نترك .. ربما كانت تلك خطيئة كبرى وهلاك للقلوب .. ربما إن تخلينا فتحنا أبواب قلوبنا وعقولنا لفرص أخرى لا نراها .. لقلوب أفضل وعقول أنضج .. فليس أصعب علينا من مواجهة رجل غير ناضج .. لا يتمتع بأي حكمة .. يتعامل معنا تعامل المراهق مع أمه! – كثيرون من رجال العرب يتفاخرون بذلك -، يظل الشرقي يرتع في فراغ صفاته كطفل أو مراهق مدلل .. يبحث طوال الوقت عن أم يركن لكنفها .. تدللـه وتسهر على راحته وتغفر وتغفر وتغفر وتغفر .. وعندما يحظى بتلك الأم القوية التي تحمل عنه الكثير والكثير مما يثقل كاهله المضنى .. فإن حظيَّ بها ونعم بمساندتها وخفت الأثقال .. طار عقله وراء الضعيفة المستكينة التي لا تمت للقوة بصلة .. صار يبحث عنها كتائه بالصحراء يبحث عن ضلةٍ وارفة .. واحةٍ خضراء .. زرعٍ وماء .. راحةٍ بعد عناء .. ثم يمل .. نعم يمل .. ويدور بحلقة مفرغة من الشتات العاطفي، فمن نهج منهج الجوع العاطفي لن يشبع أبداً وإن أتته نساء الأرض جميعاً زاحفات!.
عُدت من خواطري لأزفر أنفاسى الحائرة بشدة .. تطلعت للسماء من نافذتي وارتشفت آخر رشفة من قهوتي العربية .. وانتويت أن أجيب صديقتي بأنني لا أعلم لسؤالها إجابة!!!
– 7 –
قهوتي اليوم هادئة .. كنفسي عندما تقتحم صورتك خاطري .. آمنة كشعوري وأنت في الجوار … شربتها صباحاً على مهلٍ .. أسعدتني وتركتني بأمان من أي مزاج سيئ .. كانت فرنسية النهج .. حليب ناصع البياض يهدهد مسحوق القهوة الفاتح بحنان في مزيج يشعرني بدفء وحنان شديد .. فالدفء والحنان أمور لا تستغني عنهم أي أنثى .. يجعلونها تزهر .. أما الأمان فهو رواء لنفسٍ لا يستقيم سلامها إلا به .. بائسة تلك الأنثى التي لا تملك ما يشعرها بالأمان .. فكيف لها أن تمضي بحياتها وهي مهددة أو حائرة؟! .. بلا يد تربت على قلبها وبلا عقل هادئ يلزم جانبها وقت الخوف والزلل فيعيد لها صوابها ويقينها بالأيام .. محظوظة أنا لأنك رفيقي الذي أركض لكنفه وقت الحيرة .. فيمد لي يد العون النقية بلا أي شرط ولا مقابل سوى ودٌ دافئ وإخلاص لك ندر وجوده.
– 8 –
استيقظت اليوم مبكراً .. أمتلك كثيراً من النشاط والاستعداد لتقبل التجارب الجديدة .. نصحتني صديقتي بالثورة ولو ليوم على قهوتي، وتجربة خلط مسحوق الكابتشينو مع مسحوق الشيكولاتة الداكنة وبعض قطع الشيكولاتة والمكسرات ثم تزيينها ببعض الكريمة الناصعة الجمال .. ياله من خليط!
التقطت الريموت كنترول وضغطت على زر التشغيل، فتصاعد من السماعات صوت آخر ما كنت أسمعه بالأمس .. تصاعدت كلمات «شيروفوبيا» في الأجواء معبرة وبشدة عن بعض ما يعتري الرجال في بعض وربما الكثير من الوقت .. تصاعدت الكلمات تعترض أفكاري وأنا أقوم بوضع مسحوق الكابتشينو بنكهة الكراميل مع مسحوق الشيكولاتة الداكنة، «أنا بعتذرلك عن سكوتى وقت ما تحبي الكلام .. وان عندي شيروفوبيا .. ونقص حاد في الاهتمام! واني دخلتك معادلة ليها أكتر من نهاية وانى محتاجك بعيدة بس محتاجلك معايا».
خلطت الكابتشينو بالشيكولاتة ثم أضفت القليل من السكر وأضفت الماء، والكلمات لازالت تتردد بالمكان .. «انا بعتذرلك عن كلامى وقت ما تحبي السكات .. واني كافر بالسعادة .. واني مؤمن بالعياط .. واني بطلت السجاير .. يوم يومين ورجعت تاني .. واني عايزك تبقي ليا .. بس مش عايزك تعاني».
انتهيت من خلط الماء بالكابتشينو ومسحوق الشيكولاتة ثم أضفت قطع الشيكولاتة المفتتة الصغيرة تنعم بحرارة الخليط فتعطيه لمحة دفء .. حدثت نفسي: «أي أنثى تحظى في حياتها بذلك الكائن الشيروفوباوي في بعض الاحيان»!
انتهيت من خلط الخليط ووضعت فوق الكوب ملعقتان كبيرتان من الكريمة البيضاء التي عانقت الخليط بخفة لكنها لم تنغمس فيه .. ظلت كتاج على رأس الكوب الكبير فنثرت عليها بعضاً من حبات الفستق المبشور لتنتهي اللوحة الثائرة والكلمات الحائرة لا زالت تتصاعد .. «انا بعتذرلك عن وجودي وبعتذر عن غيابي واني مايل لانعزالي ومادة خام للاكتئاب»
تناولت كوبي الكبير المزين الساخن .. وجلست على كرسيَّ المفضل بشرفتي، وأنا أفكر بتلك الحالة التي تصيب كثيراً من الرجال .. التناقض وربما عدم الوضوح .. بتلك الأوقات نرتبك نحن ارتباكاً عظيماً .. فنحن لا ندرك لارتباككم معنى! ولا لدينا بوصلة للتعامل معه .. تفكر الأنثى طوال الوقت بأن الرجل هو المعلم وهو القائد .. وترتبك كثيراً حين يرتبك هو .. ربما عليها أن تدرك أنه بشر بامتياز .. يقلق ويرتبك ويتعلم .. يخطئ ويطلب الغفران .. يضعف ويعود لقوته .. ربما لو أدركت ذلك فلن ترتبك إن ارتبك هو .. فهو بشر .. فقط بشر بامتياز .. لازالت الكلمات تتصاعد بعد انتهائي من أفكاري وخليطي السحري المدلل .. «انا بعتذرلك عن سكوتي عن كلامي عن وجودي عن غيابي» .. ابتسمت وأنا أغلق الأغنية وقلت لنفسي: «المبهج أن لدينا رجل يعتذر هنا فكثيرون منهم لا يعلمون لفلسفة الاعتذار طريقة ولا طريقاً».
– 9 –
قهوتي اليوم مُحَلاة .. كثيرة السكر .. «زيادة» كما يطلقون عليها .. مليئة بالسعادة .. كقطعة سكر راحت تجوب أجواء القلب والدم معاً فأضفت نشوة فَرِحةً على كياني بأكمله.
قهوتي اليوم .. امتزجت بمزاجٍ رائق .. صافٍ كصفو قلوب المحبين بلحظات الرضا والاهتمام.
آه أيها الغريب لو تعلم ما الاهتمام بالنسبة لنا نحن معشر النساء .. فالاهتمام يا صاحب المقام الأعلى بقلبي، هو زاد كل امرأة وسُقْيَا أيام عمرها التي تذبل إلى زوال حين تفتقده.
ناديتني اليوم بما يطرب قلبي .. حين قلت لي «يا صغيرتي» .. فهلا استمعت لي وأنا أبوح لك بسر عتيد .. إننا معشر النساء نطرب لتلك الكلمة .. تدغدغنا كثيراً .. لا شيئ يصف ما تشعر به امرأة حينما يناديها رجل بـ«يا صغيرتي» .. متخلياً عن الكثير من أقنعة الحياة التي تُخيل للسُذًج أننا حين نكون قويات لا نأبه لشيئ بعدها وأننا نحمل وجهاً واحداً نواجه به الحياة! .. فإما أنثى طوال الوقت أو قوية طوال الوقت! .. بربك من أقنعكم بهذا الهراء؟!!!
حينما تتخلى عن تلك النظرة الساذجة التي تخدع نفسك بها أحياناً كي تعطيها مبرراً لأقسى عقاب وأسوأ حال معي .. ألا وهو الإهمال .. حين تعلم أن قوتي لا تتعارض واحتياجي المتناهي إليك .. فتهتم بي وتعطي قلبي ما يستحق من التدليل والعناية .. تناديني يا صغيرة .. وتأبه لتفاصيلي ولو قليلاً .. فأسعد أنا كيومي هذا.
شربت قهوتي السكرية اليوم .. وسعدت بها كما سعدت بحنوك واهتمامك.
سلام عليك يا من منحت قهوتي متعة بعد متعة،،،
سلام عليك حين تتفهمني وتصبر علىَّ،،،
وسلام على كل المحبين والمتفهمين،،،
دمت لي قطعة سكر .. تحول مُرْ الأيام بالتأكيد .. لحُلوها،،،
منى عبد العزيز
يونيو 2018