في ظل اليأس الذي تعبر عنه وجوه أغلب من حولنا، والذي لا يعبر سوى عن فقدان شغف في استكمال الحياو بطريقة تجعل منهم أكثر طاقة وحيوية ورضاء،
راودنى فضول أن أذهب لكل منهم لأقول لهم فقط .. وماذا بعد؟!
كيف لا نرضي ونحن نوقن أن الله هو القادر المقتدر الرحمن الرحيم ذو العلم والمعرفة؟!
أتذكر معلمي يوما قال لي في حديث دام لوقت طويل، أن في يوم سئل يحي بن معاذ: متي يبلغ الإنسان مقام الرضا؟،
قال إذا أقام على نفسه أربع أصول يعامل بها ربه .. يقول إن أعطيتني قبلت، وإن منعتني رضيت، وإن تركتني عبدت، وإن دعوتني أجبت.
إن الله جل وعلا بني قدره وإرادته على علم وحكمة وعفو ورحمة.
فليس أمامنا سوى الارتضاء بحكمة الله.
فلله عز وجل وحده المعرفة الكاملة، ومعرفة مقادير الخلائق، وما خلف كل ما يحدث وكل ما يمر علينا بدون تدخل منا.
كل إنسان يعتقد أنه أشقى من غيره أو أنه مبتلى أكثر من غيره،
ولكن كلنا متشابهون .. من يملك الصحة قد لا يملك المال، ومن يملك المال قد لا يملك الذرية، ومن يملك الذرية قد لا يرزق برهم، ومن رزق برهم قد يكون عاش يتيماً، ومن عاش في حضن والديه قد لا يرزق حياة زوجيةً مستقرة……
قال الله تعالي {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}.
إن رضيت يا ابن آدم خلصك الله من الهم والغم والحزن وشتات الأمر وسوء الأحوال.
باب جنة الدنيا يا صديقي يفتح بالرضا، ومتى تحليت بتلك الصفة استقمت وصلحت أحوالك وبالك،
فما علينا سوي الأخذ بالأسباب، وإن كانت الحكمة وراء ما يحدث لنا مجهوله في الوقت الحالي، فبالتاكيد .. الله لا يفعل لنا شئ إلا لخير .. فلو علمنا ما وراء الغيب لارتضينا بقلب راضٍ واقعنا هذا.
دَعِ الأيام تفعـل مـا تشـاء…
وطب نفساً إذا حكم القضـاء.
ولا تجزع لحادثـة الليالـي…
فما لـحوادث الدنيا بقـاء.
وكن رجلاً على الأهوال جلداً…
وشيمتك السماحـة والوفـاء.
وإن كثرت عيوبك في البرايا…
وسَرَّك أن يكـون لهـا غطـاء.
تستر بالسخاء فكـل عيـبٍ…
يغطيه كمـا قيـل السخـاء.
ولا تَرَ للأعـادي قـط ذلاً…
فإن شماتـة الأعـداء بـلاء.
ولا تَرْجُ السماحة من بخيـلٍ…
فما في النار للظمـآن مـاء.
ورزقك ليس ينقصه التأنـي…
وليس يزيد في الرزق العناء.
ولا حزن يدوم ولا سـرور…
ولا بؤس عليـك ولا رخـاء.
إذا ما كنت ذا قلـب قنـوعٍ…
فأنت ومالـك الدنيـا سـواء.
ومن نزلت بساحتـه المنايـا…
فلا أرض تقيـه ولا سمـاء.
وأرض الله واسعـة ولكـن…
إذا نزل القضا ضاق الفضاء.