أليس من الغريب أن تجد بداخلك شعوراً مُتناقضاً؟ أن تشعُر بشيء وتُبدي عكسه تماماً؟ فنرى فى الكِتمان عدم الراحه، ورغم هذا نُحبذه عن البوح، رغم حاجتنا الشديدة للإفصاح عما نشعُر به، فتجد عندما يتحدثُ شخصٌ أمامنا عن الفقد، تذهب عقول الجميع وقتها أنه يقصِدُ بهذا الفقد حُباً، وذلك لأن نظرة أهل الشرق محدودة وضيقه نوعاً ما، لا يعلمون أن الفقد قد يشمل الأهل، الأصدقاء، الأحلام، الأوطان والنفس أحياناً، غير مُدركين أن للفقد ألف لون وألف لُغه، قاصرين الأوجاع، الخيبات والدموع على الحبيب، ولذلك فلا تبُح بخبايا قلبِكَ، لا تُعلن عن تلك الخيبات التى مَررتَ بها وحدك، لا تُظهر مواطِن الضعف الموجوده فى روحك، ولا تُخبرهم ماذا فعلت بِكَ ليالى الوِحده الطويلة، وما نتج عنها من مآتم أصابت تفكيرك، لا تكشف لهم أبداً يا عزيزى عن مواضع الندوب التى صنعتها بِكَ الحياة بتجاربها المريرة، فتُفضح.
ولهذا فلتتعلم أن تمسك عليكَ لِسانك، فأنتَ أمينٌ لأسرارك خيرُ حافظ، فنفسك يكفيها أنها شهدت معك كل ما تنوى أن ترويه، وهى أقرب لكَ فى حُزنك قبل فرحك، فتسّتر عليها، فمن تعتبره خَليلَك اليوم، قد يكون عدوك غداً، ولأن هذه الحياه لا تُعطى لنا أي ضمانات، فلا تجعل راحتك مرهونه بيد أحدهم، ولتكن أمامهم قوياً عزيزاً حالماً مُتماسكاً حتى وإن كان فؤادك هشاً ضعيفًا، ولا تنسى أنه – سُبحانه – من”يُدَبِّرُ الْأَمْرَ”، تذكرها كلما صَعِب عليك أمرًا، أو أصابتك كُربة، فإذا أيقنت بها اطمئن قلبك، وأغنتك عن الكُل، وكفى بالله وكيلاً.
وأخيراً كن من أنتَ حَيثُ تَكون واحمِل عِبءَ قلبِكَ وحدك.