كانت الطائرة مزدحمة بالركاب يقودها مجموعة من الطيارين القياديين فى حركات اسلامية متعددة وكان الركاب من اعضاء هذه الجماعات متوجهين كلهم الى مقر الخلافة الاسلامية متوقعين وصولهم بعد سنوات قليلة بعد ان عانوا لقرون من عثرات واضطهاد الحكومات المتلاحقة .
ولم يتوقع احد من الركاب أن كل راكب منهم له قبلة مختلفة عن الاخر برغم ان الجميع حجز المقاعد واختار طائرة يتوهم الكثير أنها متجهه الى مطاره الذى اعتقده فالكل ذاهب الى ارض الخلافة والكل ادعى الاسلام الا ان تهب عاصفة تجبر الطيارين القياديين على الهبوط الاضطرارى فجأة .
كانت عاصفة الثورات العربية فى دول الاسلام قد غيرت وجهه التاريخ وعصفت بكل الحسابات لتجد الطائرة نفسها هبطت فى اقرب مطار .
وفى مشهد لم يعد احد له حساب يجد طاقم الطائرة نفسه على مائدة مفاوضات مع حكام البلاد وفجأة يجدون انفسهم ومعهم مقاليد الحكم متناسين أن هذه الارض ليست هى الارض المجهزة لمشروعهم .
والتى لم تدرس دراسة علمية اكاديمية لمطابقة تحملها لمثل المشروع الاسلامى المزعوم.
بل الامر الاغرب والاعجب فى ركاب الطائرة الذين اكتشفوا أن كل واحد منهم له وجهه مختلفة وله قائد لم يعرفه وبدأ الصراع بين فصائل الركاب وبين سكان الارض الحقيقيين اصحاب الثورة .
فمنذ سنوات طويلة ويسعى فيرق كبير من الاسلاميون للوصول الى الحكم وترسيخ مفهوم الدولة الاسلامية . ذلك الحلم الذى فقد من قرون طويلة بعد سقوط اخر خلافة اسلامية وانهيار الدولة العثمانية.
وللاسف لايزال التاريخ يزور لنا الحقائق فلم يكن هناك فى يوم لفكرة الدولة الاسلامية وجود.
ولم يكن لها اى اسس او اركان .كانت الخلافات كلها مخالفة للمبادئ الاسلامية فى تعيين الخليفة وخاصة بعد الامام على و بعد ان قامت الدولة الاموية وغيرها من الدول على اساس قبلى وعائلى ولم يكن على اساس اسلامى او شرعى.
ومع ذلك لايزال الكثير يطنطن حول مصطلح الدولة الاسلامية التى تحكم العالم وليس الاسلام الذى يحكم معتقدات البشر ويغير ويصنع حضارات الامم الانسانية مصداقا لقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ((انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق)) وليس بعثت لاحكم العالم وادمر حضاراتهم وابنى ملكا لم يسبقنى احد من قبل ومن بعد.
بل جاء الاسلام لجميع الامم والدول والمجتمعات ولم يغير من نظم الدولة وعادتها وثقافاتها الا ماتعارض مع القيم العليا لمبدأ الشرائع السماوية .
والدليل لم نسمع عن هدم التماثيل والاثار المصريه عندما جاء ابن العاص الى مصر وفتح البلاد .
كما نسمع اليوم من اصحاب الفكر الغريب عن الاسلام والا ماوجدنا لهذه الاثار وجود اليوم فى عصر ازدهر فيه المسلمون وكانوا قادريين على طمس التاريخ وازالة اثاره كما فعل فى اصنام قريش .
وكانت ازيلت الكنائس والمعابد من بلاد الاسلام وانتهت معه اى ديانة او عبادة.ولكن الواقع يثبت بالدليل الغير قابل للشك أن الاسلام جاء للبشرية كلها ولترسيخ مفهوم الاخلاق واحترام العادات والتقاليد للشعوب واحترام تاريخهم وقيمهم والسعى لنشر روح التسامح والعمل على بناء الانسان وليس بناء الحكومات والشلل والعصابات .والان وبعد أن اوشكت الطائرة على العودة من حيث اتت وبعد أن هدأت العاصفة يوجهه برج المراقبة النداء الاخير .
على السادة ركاب الطائرة المزعومة سرعة التوجهه الى اول باب خروج فلم يبقى للارض فى عالم العولمة اى احلام لاقامة دول على اسس عصبية وقبلية بل تقوم الامم على اسس حضارية واخلاقية .
لم تعد الشعوب تقبل بمن يحدد لها مصيرها بل الشعوب هى صاحبة المصير . انتهى عصر فرض الدين بالقوة منذ ان نزلت الاية الكريمة لكم دينكم ولى دينى.
ولم يبقى الان لدينا مخرج الا أن نختار مشروعا واسما افضل يلقى رواج فى صدور الشعوب واعتقد أنه لابديل عن المشروع الاخلاقى وهو هدف الرسالة الاول .فلنطالب بدولة الاخلاق والقيم العليا ..لاخلاقيات الشعوب والمجتمعات الانسانية بدلا من المطالبة برأس ودم المخالفين لنا… والا فقدنا النداء الاخير .
نشر قبيل ثورة 30/6