فى ظل توجيهات الحكومة لتخفيض حجم العاملين بالجهاز الإداري للدولة، والذى بلغ عددهم ما يقرب من سبعة مليون موظف، مما أدى إلى زيادة الإنفاق الحكومي على الأجور، والذي يقدر بثلث مصاريف الموازنة العامة للدولة، وأدى ذلك إلى مطالبة صندوق النقد الدولي الحكومة، باتخاذ الإجراءات اللازمة لتقليل تسارع الأجور وتخفيض حجم العاملين بالجهاز الإداري للدولة، ولتحقيق هذا الهدف اتجهت الحكومة لميكنة الخدمات الحكومية واتخاذ قرارات تحفيزية لتشجيع موظفي الجهاز الإداري للخروج على المعاش المبكر، وهذه القرارات ونتائجها المتوقعة هو موضوعنا.
ففي ظل سياسة تخفيض حجم الجهاز الإداري للدولة، شجعت الحكومة الخروج على المعاش المبكر، من خلال المادة 70 من قانون الخدمة المدنية، والتي تعطي مميزات للخروج على المعاش المبكر بعد سن الـ 50 سنة، بمنح كافة الامتيازات الخروج على المعاش فى السن القانوني، والترقية للدرجة الأعلى، كما تدرس الحكومة إقرار المزيد من الحوافز للخروج على المعاش المبكر، مثل (تسهيلات ودعم الحصول على شقق سكنية – الحصول على مبالغ مالية – الحصول على تأشيرة حج أو عمرة ……).
لا شك أن القرارات التحفيزية التي تتخذها الحكومة، سوف تؤتي ثمارها، وتزيد من الخروج على المعاش المبكر، ولكن لابد أن يتم مراعاة عدة أمور فى غاية الأهمية:
الأمر الأول: خروج الموظفين على سن الخمسين، سوف يقلل خبرات العمل فى الجهاز الإداري للدولة، وسوف يؤثر على كفاءة الأداء، مما قد يؤدى إلى خفض جودة الخدمات الحكومية المقدمة.
الأمر الثاني: الفجوة بين الدخل والمعاش، سوف يؤدى إلى تدهور الأحوال المعيشية، وخاصة أن الموظف فى هذا السن لديه التزامات ونفقات متزايدة، لأنه فى الأغلب يكون أولاده فى مراحل التعليم، ولا يعملون أو يدرون دخل يساعد الموظف فى تحمل أعباء المعيشة.
الأمر الثالث: خروج الموظف فى ذلك السن، وهو قادر على العمل سوف يعمل فى وظائف بالقطاع الخاص، ويزاحم الشباب الباحث عن فرص العمل، مما قد يزيد من نسبة البطالة فى المجتمع.
ولتتم معالجة هذه الأمور لابد أن تفكر الحكومة فى القيام بعدة قرارات تحفيزية إضافية مثل:
– عمل دراسات جدوى جاهزة لمشروعات إنتاجية صغيرة، وبمساندة وتسهيلات من الحكومة للقيام بمشروعات صعيرة تدر دخل إضافى للموظف، وتساعد على خلق فرص عمل أخرى للشباب.
– تشجيع الموظف الحكومي وبصفة خاصة الذى كان يعمل فى جهة تقدم خدمات جماهيرية (التأمينات – الضرائب – المحليات – المرور ……)، على إقامة مشروع مراكز الخدمات الحكومية المرخصة من وزارة التخطيط، والتى تهدف لإنهاء إجراءات الحصول على الخدمات الحكومية نيابة عن المواطن، وهذا يؤدى إلى الاستفادة من خبرات الموظفين وتخفيف عبء العمل على الجهات الحكومية المتوقع فى ظل تخفيض العمالة، وأيضاً تحسين الخدمات الحكومية.
ومن أجل عمل ذلك، لابد أن يتم التنسيق مع الوزرات المعنية بتسهيل إقامة المشروعات للموظف الذى يخرج على المعاش المبكر، وعمل تسهيلات وقروض بفائدة مخفضة لدعم نجاج هذه المشروعات.
ومن المتوقع فى ضوء ما سبق، الإقبال من موظفي الدولة للخروج على المعاش المبكر، لعدم تأثر دخلهم، بل يمكن أن يتضاعف دخلهم، فى ظل هذه المشروعات، ومن ناحية أخرى يتم تخفيض حجم الجهاز الإدارى للدولة، وتقليل نفقة الأجور فى الموازنة العامة، وتحويل موظفي الدولة من عبء، إلى طاقة إنتاجية، وأيضاً استفادة الدولة من تكلفة خروج موظفي الدولة على المعاش المبكر، فى مشروعات إنتاجية، تساهم فى زيادة الدخل القومي، وحل مشكلة البطالة.
وائل عبد العزيز سيد
محاسب بوزارة التضامن
[email protected]