ماذا لو تخيلنا أن طفلا لازال يتعلم الكلام في بيت له مفاهيم معينة عن الأشياء و طبيعتها ، و سأل ذلك الطفل أسرته عن تفاحة ، و اجاب الجميع بأن هذا الشيء بصلة ، و عندما سأل عن البصلة أجابوه هذة تفاحة ، ثم يبدأ ذلك الطفل بالاختلاط بالمجتمع الخارجي بعد ما ترسخ في ذهنه ما تعلمه ليجد بعض أطفال يتشابهون معه فيما تعلمه و اخرون كثيرون لا يشبهونه في مورثه اللغوي و الفكري فيكون الصدام بين ما ورثه من مكتسبات و بين الحقيقة الغالبة في ذلك المجتمع ، و حينئذ يحاول بكل ما اوتي من قوة ان يثبت للجميع انهم على خطأ ، وانه على صواب ، و ربما وصل الأمر الى حد العنف .
فالاختلاف بين البشر قد يكون أحد أسبابه اختلافا بين ما يُؤْمِن به شخص و ما يُؤْمِن به الآخرون ، وكل منهم على ثقة تامة بانه هو الصواب ،و الكل ينسى ان هناك منطقة رمادية لابد و أن نقف جميعنا بها ، فصوابي قد يكون خطأك و خطؤك قد يكون صوابي ، فكلانا نشأ على آراء معينة ،قد تتحول الى معتقدات هي من صنع البشر ، و ليست أوامر و نواهي ألهيه .
من منا لم يضبط نفسه متلبسا بالحكم على الآخرين الذين هم في الأساس مجهولين بالنسبة له ،هو فقط اطلق عليهم الأحكام من مظهرهم الخارجي – لان التفاحة فقط هي الجميلة على الرغم من البصل قد يفوقها في القيمة الغذائية – بالاضافة الي ان الجمال لا يصلح مقياسا للحكم فقد يكون خلف جمال المظهر قبحا للجوهر ،فهناك من يجيد صناعة الطيبة في حين تسري في عروقه كل النوايا الخبيثة بمعنى ان ليس كل تفاحة جميلة و العكس صحيح ، فنحن نعيش حرفيا مرض الحكم على الآخرين مفترضين اننا نعرف كل شيء عنهم فوضعنا لهم معايير النطق بالحكم كشكل الجسم او اللون او التعليم او مستوى النجاح او الملابس او المستوى الاجتماعي ، و في الغالب يكون اخد قرار الحكم على الاخر نابع من شعور داخلي لأنك- ببساطة – عندما تحكم على شخص فأنك- أولا- تضعه في مكانة أقل منك ،و هذا في حد ذاته يشعرك بالسعادة و الراحة و لكن هذا مجرد شعورا اصطناعيا بالسعادة المزيفة فأنت لست الأفضل، بل قد يكون بداخلك نفس الشيء الذي تسخر منه عند الآخر ،فهو لك تلك المرآة التى ترفض ان تنظر فيها؛ لأنك لا تملك تلك الشجاعة لتطلق الحكم على نفسك ،كما تفعل بالآخرين و كأنك تتناسى انك فقط مسؤل عن نفسك و ليس عن اَي شخص آخر، حتى و إن قام بكل ما يخالف نمطك الشخصي ، فأنماط الحياة مختلفة، و كثيرة ،و نحن من صنعناها منذ الصغر و كل منا يرى الصواب و الخطأ من المنظور الخاص به ، ففي الكثير من الأحيان تجد انك تفعل الصواب و لكن ينتهي بك الامر الي الخطأ ،و ذلك لان هناك فرق كبير بين ان تفعل الأشياء الصحيحة و بين ان تقوم بالاشياء بشكل صحيح لتنفذ الأحكام التى ترضى المجتمع ،و تشبهه ،أحكاما واهية ترسخت فينا لا إراديا ،فلا صواب مطلق ،و لا خطأ مطلق ،و لكن الأحكام الوحيدة الموثوق بها هي احكام الخالق عز و جل فلا أنت و لا أنا آلهة لنطلق أحكامنا على غيرنا، فما اجمل عالمنا أن أصبح خاويا من الأحكام البشرية مكتفيا بأوامر و نواهي الخالق ، متجردين من موروثاتنا الظاهرية، مستخدمين فقط عقولنا بحيادية في النظر لما يدور حولنا، وقتها- فقط -ننعم بالراحة، و نتفهم المعنى الحقيقي لمقولة الإمام الشافعي ” رأي صواب يحتمل الخطأ، و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب “
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.
السبت, أبريل 27, 2024
آخر الاخبار
- سلة زعيم الثغر تواجه الزمالك في قبل نهائي كأس مصر يوم 30 إبريل الجارى
- مجلس الصيد يكرم فريق مواليد ٢٠٠٩ لكرة القدم
- مصيلحى ينظم رحلة للجماهير لاستاد البرج
- رحلة لجماهير الثغر.. لمشاهدة لقاء الاتحاد السكندري و الإسماعيلى بإستاد برج العرب
- سموحة جاهز لمواجهة بلدية المحلة الهداف احمد على امين يبحث عن فرصة للمشاركة
- اطلاق اسم السباح نبيل الشاذلي علي مجمع حمامات السباحة بالنادى الاوليمبى
- فيوتشر يتخطى فاركو بهدفين ويصعد للمركز الثامن
- فوز فريق الاتحاد السكندرى ٢٠٠٧ على الزمالك بالقاهرة ٢-١