كان قد أوصاني والدي، أن أنشر صفحات من مذكراته التي خطها بيديه، وهذه هى الحلقة الأولى:
كسرة قلب!
في 31 يوليو من كل عام، أحتفل بعيد حبنا، رغم أننا لم ننتظر مرور عام واحد عليه لنحتفل به سوياً ولو لمرة واحدة، بل مات حبنا _ ظاهرياً _ عندما وأدت هى حلمنا، ولكنه لم يمت يوماً داخل قلبي أبداً.
لقد أحببتها … نعم أحببتكي، وأعلم أنكي تقرأين الآن، وتعرفين أنكي أنتي المقصودة.
أنا أكتب بالياء وليس بالكسرة _ رغم علمي بالخطأ اللغوي _، متأثراً بالعقاد الذي سألته مي زيادة، لماذا تكتب لي «أنتي» بالياء وليست «أنتِ» بالكسرة، فقال لها، يعز عليَّ أن أكسرك حتى في اللغة!
لم أكن أتخيل أن تخذلينني. رغم أني تعودت على مواقف خذلان في حياتي، إلا أنني لم أكن أنتظره منكي أبداً.
لقد صدقوا عندما قالوا، أن ليس كل البعد يؤلم، ولكن المؤلم جداً، أن يأتي البعد من شخص أخبرناه أن الشئ الوحيد الذي يكسرنا هو بعده عنا.
وأنا أخبرتكي أن البعد سوف يكسرني، ولكنكي اخترتي البعد! اخترتي ما يكسرني دون مبالاة!!!
عندما تصارحنا بحبنا، ربما كنتُ بالفعل أحتاج إلى ما يعوضني عن الكثير في حياتي، ووجدت ذلك فيكي، ولكنكي كسرتي قلبي وروحي باختيارك البعد، دون سبب مقنع! وزدتي في معاناة روحي وقلبي بدلاً من أن تكوني أنتي العوض!
لقد علمتي أنكي دخلتي إلى تلك المنطقة في قلبي، والتي لم أستطع أن أخرجكي منها أبداً، رغم محاولاتي الفاشلة! وارتبطت بكي روحي وكأنها تغيب عني كلما غبتي!
لقد كنتي ترياق السعادة الذي أستمد منه قوة الاستمرار رغم قسوة الحياة، ولكنكي تحولتي إلى السم الذي يقتلني يومياً دون رحمة!
لقد كنتي الراحة والسكن، فأصبحتي العذاب المقيم بداخلي دون توقف!
لقد كنتي من يفهمني ويستمع لشكواي ويخفف عني نوائب الحياة ويهونها، فغدوتي أنتي الشكوى التي لا أبوح بها لأحد!
لطالما حدثتُ قلبي، لماذا تعشقها هكذا رغم ما فلعته بك؟! لماذا تتمسك بها داخلك وتعذبني وتؤلمني هكذا؟! أأنت قلبي أنا أم قلبها؟!!!
ولطالما عاتبتُ روحي، لماذا تحبينها هكذا رغم أنها من كسرتكِ؟! يا لكِ من روح تهوى عذابي!
لم أجد من قلبي ولا من روحي إجابة، فقط استمروا يحبونكي ويعشقونكي كما هما، وأنا أتعذب ليل نهار!
لقد خانني قلبي وخانتني روحي، ولم يستجيبا لي ويتوقفا عن وصلكي رغم خذلانك لي وكسرك لهما!
أعلم أنكي تقرأين الآن .. أوتذكرين وعودنا؟
أوتذكرين أننا اتفقنا على تمني الموت سويا، بعد أن ظللننا نتجادل وكل منا يتمنى أن يموت قبل الثاني، لينجو من ألم العيش دون نصفه الآخر، وكان كل واحد منا يعنف الآخر على أمنيته، حتى توصلنا لتمني الموت سويا ونحن على فراش واحد … أوتذكرين ذلك؟!!!
أوتذكرين توسلاتك أن أنقذ نفسي عندما أقدمتُ على الانتحار، وكلماتك التي قولتيها بأنه لا حياة لكي من دوني، و«أني ضهرك وسندك الوحيد» … أوتذكرين ذلك؟!!!
أوتذكرين كلماتك، بأنكي هواء من غيري ولا تستطيعين العيش بدوني وأني «حب العمر» كما كنتي تكتبين لي … أوتذكرين ذلك؟!!!
أوتذكرين طلبك لي أن أعدكي ألا أتركك مهما حدث، ووعدتكي بذلك مرارا وتكرارا … أوتذكرين ذلك؟!!!
أنا لم أفعل لكي شيئاً سيئا أبدا، بل كنتُ أقدمك على نفسي في كثير من الأحيان، وأجعل راحتك قبل راحتي وأحتمل من أجلكي ما لم أحتمله من أجل أي مخلوق من قبل!
لم أقصر في حبكي، ولم أبخل ولم أتردد ولو مرة واحدة في مسامحتك!
كنتُ لكي الأب والأخ والصديق والحبيب، ولم أطلب سوى الوفاء لهذا القلب الذي لم يعرف العشق سوى لكي، ولكنه لم يجد منكي سوى الكسر والخذلان!!!
أنتي الشخص الوحيد الذي عريتُ نفسي أمامه وكشفتُ له عن نقاط ضعفي وأدخلته حيث لم يدخل إنسانٌ من قبل، ليرى مني ما لم يراه أحدٌ غيره، ظناً مني أنكي بالفعل نصفي الآخر الذي لا أستحي منه!
لقد كسرتُ كافة الحدود بيننا، وجعلتُ منكي مرآتي التي لا يخفى عليها شئ مني، وربما هذه هى غلطتي!
لقد جعلتُ حياتي لكي دون غيرك، رغم كل من يتعلقون برقبتي، ولكن كنتي أنتي وحدك في المقدمة والجميع يأتي من خلفك!
أنا متأكد أنكي تعلمين، مكانتك داخلي كيف هى، وحجمك في قلبي كيف هو، وارتباط روحي بروحك كيف هو وثيق، ولعل هذا هو سبب عِظَم الوجع على خذلانك لي ولقلبي وروحي!
عندما تعاهدنا أن نشيب سوياً، لم أكن أتخيل _ ولا في كوابيسي _ أن تخوني عهدنا.
عندما وعدتكي ألا أترككي مهما حدث، ووعدتكي أن أظل إلى جانبك حتى آخر نفس في حياتي، لم أكن أتخيل أبداً أن يكون الخذلان هو ردك على وفائي لكي!
لقد كسرتي قلبي وحطمتي روحي، ولم أعد أقوى على العيش، ولولا ضعفي لكررت محاولة الانتحار لأنهي حياتي التي غاب عنها أي طعم من بعدك!
سامحكي الله يا من منعتيني من الموت في محاولة الانتحار السابقة، حتى تستلذي بقتلي بيديكي! سامحكي الله،،،
لقد تركتيني مهزوماً مكسور الوجدان، لا أجد للفرح طعم، ولا أعرف للسعادة سبيل، ولا أستلذ بلذة أو أنعم ببسمة حقيقية غير مصطنعة!
لقد جرحتيني بسكينٍ باردٍ وأنتي لا تشعرين، ثم سكبتي على جرحي مواد حارقة لتزيدي ألمي ومعاناتي، ثم تظاهرتي بالبقاء رغم البعد المؤكد الذي اخترتيه! ما أقسى قلبك!!!
من أين جئتي بكل تلك القسوة؟!!!
من أين لكي بهذا القلب الذي استطاع أن يكسر القلب الذي أحبه كما لم يحبه أحد في الكون؟!
من أين لكي بهذا العقل الذي تقبل أن يذبح الروح التي هان عليها خروجها فداءاً لكي؟!
لقد اخترتي إسعاد غيرنا، وتعذيبي وتعذيب نفسك .. فما أحمق اختيارك!
لقد آثرتي الرحيل عني، ووأد حلمنا، وقتل حبنا .. ولم تهتمي بوجعي ومعاناتي، وليتكي حصلتي على السعادة والراحة، بل أيضاً كنتي تتعذبين .. فما أحمق اختيارك!
لقد قطعتي قلبي إرباً ومزقتي روحي قطعاً، وظللتي تؤكدين حبك لي وتمسكك بي .. فما أحمقني حين صبرتُ وصدقتكي!
ربما أعلم أنكي تحبينني، ولكني لا أستطيع أن أتخيل لماذا فعلتي بي ما فعلتي!
لازلتُ حتى الآن، لا أصدق ولا أتخيل ولا أتصور ولا أتقبل ما حدث .. لازلتُ مصدوماً رغم مرور كل ذلك الوقت! وكأنني أعيش حلم مفزع وأنتظر أن أصحو على يديكي وابتسامتك المفتقدة!
أنتظر أن تأتين وتقولين، «ها قد عدت، هيا لنستكمل حبنا ونحقق حلمنا» .. أنتظر ذلك الأمل الذي يتداخل وأنفاسي، ولعله هو فقط الذي يحافظ على تلك الأنفاس من التوقف!
لقد تركتي جرحاً لا يلتئم .. وكسراً لا ينجبر في قلبي .. وحطاماً لا سبيل لترميمه في روحي.
أعلم أنك تقرأين، وأدعو الله أن يلهم قلبك وعقلك وروحك الصواب فيما يحقق لكي السعادة، ويوقف عذابك، لعل عذابي يتوقف عندما يتوقف عذابك، فراحتي بدون راحتك لا وجود لها.
نعم لقد قتلتيني بسكين خذلانك .. ولكني لا أستطيع إلا أن أقول، أني لازلتُ أحبكي يا حياة روحي،،،
سلام مؤقت يا نور عيني،،،