رواية ملاك في الجحيم – بقلم يا سمين علام
الفصل الخامس
…….. فلم ترى تلك المرأة .. شعرت بأنها كالسراب الكبير، الذي يظهر ويختفي!
طارق: انتي بتبصي فين؟ والتفت تجاه الستائر الشفافة.
رحمه وقد تجمعت قواها: اتفضل .. دي الورقة، بس ياريت تحافظ عليها، مش عايزة الورد يبقى دبلان كدة.
طارق: حاضر .. شكراً ليكي جداً.
رحمه: الشكر لله .. عن إذنك.
طارق: اتفضلي.
ذهبت رحمه سريعاً إلى بيتها، وهي تشعر بالخوف من تلك السيدة.
أما من الناحية الأخرى…
طارق يحدث نفسه: نفسي أعرف فيه إيه … مالها رحمه؟! … وكانت بتبص علي إيه؟!
عادت الأيام على كل منهم رتيبة .. فطارق يحاول بقدر الإمكان أن يعتني بالورود في الصباح الباكر، ويذهب إلى عمله … بينما رحمه كانت بين الحديقة والمنزل، وتذهب إلى البستان لتشتري البذور.
في أحد الأيام…
ذهبت رحمه كعادتها لشراء البذور، ولكنها تأخرت كثيراً .. فقد هبط المطر، فاضطرت أن تقف، حتي ينتهي المطر، فتأخر الوقت عليها.
كان في تلك الأثناء، طارق عائداً من عمله.
وبينما هو يسير .. رأى رحمه تقف في مكان ما، مختئبة .. تحاول أن تحمي نفسها من المطر، وملابسها مبتلة بشكل سئ جداً.
تقدم طارق منها…
طارق: آنسه رحمه .. انتي إيه اللي وقفك هنا؟!
رحمه بدهشه: طارق؟!
طارق: أيوة طارق .. انتي إيه اللي وقفك هنا؟!
رحمه: مافيش كنت جايه من البستان، ولاقيت الدنيا مطرت، فقولت استني لحد ما المطرة تقف.
طارق: بس كدة انتي اتأخرتي خالص.
رحمه: مش عارفه أعمل إيه.
طارق: استني ……
خلع طارق الجاكيت والكوفيه .. وأحاط رحمه بها في وسط دهشة رحمه! التي كانت تنظر له وقلبها يكاد يقف.
رحمه: إيه اللي انت بتعمله ده؟!!!
طارق: عايزاني أشوف بنت محتاجه مساعده وخاصه انتي ومساعدهاش؟!
رحمه: بس انت هتمشي ازاي؟!
طارق: ملكيش دعوة.
رحمه: كدة هتاخد برد.
طارق وهو مبتسم: خايفه عليا؟
رحمه: ها ……
طارق: يلا بينا علشان أوصلك انتي اتأخرتي.
سارت رحمه بجوار طارق .. والمطر مستمر في النزول .. إلى أن وصلا إلى المنزل.
همت رحمه بخلع الجاكيت .. ولكنه طلب منها أن تدخل بهما . حتي لا تصاب بالبرد.
وبالفعل دخلت رحمه إلى المنزل بالجاكيت والكوفيه.
استقبلتها داده أمينه وهي تتفاجأ من منظرها.
أمينه: انتي غرقتي يا بنتي .. تعالي اطلعي فوق بسرعه .. أنا حضرتلك هدومك علشان عارفه إنك هتيجي غرقانة .. بس إيه اللي انتي لابساه ده؟!
رحمه وقد شعرت بالإحراج: أنا طالعه يا داده.
أمينه: اطلعي علي ما أحضرلك حاجة دافيه تشربيها.
صعدت رحمه إلى غرفتها .. وأبدلت ملابسها .. ووضعت الكوفيه والجاكيت علي الكرسي .. وجلست علي فراشها تفكر فيما فعله طارق معها منذ قليل.
قطع شرودها داده أمينه وهي تدخل.
أمينه: عملتلك كوبايه نعناع تشربيها.
رحمه: شكراً يا داده ربنا يخليكي.
أمينة: اشربيها وانتي متغطيه علشان تدفي أكتر.
رحمه: حاضر يا داده.
انصرفت أمينه .. وظلت رحمه في الغرفه تفكر في طارق .. وأخذت تحدث نفسها: هو طارق كويس ولا وحش؟
أنا حاسه إنه كويس والله.
اه صحيح هو أنا هديله الجاكيت إزاي والكوفيه بتاعته؟
دا أنا مش بشوفه إلا بالصدفه…
خلاص هستني الصدفه الجايه…
ممكن ابعتله الحاجه مع البواب…
بلاش البواب ممكن ميدلوش الحاجة زي الورقه…
أنا لازم أديله الجاكيت والكوفيه بنفسي علشان أشكره…
هو كان قالي بيروح الشغل إمتي؟…
بيقول من الصبح لحد الساعه 9 بليل…
خلاص أستناه الصبح بدري أو بليل .. وأبقى أديله الحاجة…
أنا هنام بقي…
قامت رحمه بجعل توقيت الاستيقاظ في المنبه الساعه الخامسه إلا ربع.
في اليوم التالي
استيقظت رحمه الساعه الخامسة إلا ربع .. ودخلت إلى الشرفه حتي تري طارق وهو يخرج إلى عمله .. وظلت حتي الساعه السادسة .. لكنها لم تراه .. فقررت ان تنتظره الساعه التاسعه ليلاً.
ارتدت ملابسها .. ونزلت للأسفل .. وفتحت التلفاز .. وجلست تشاهد أحد الأفلام .. وكالعادة قامت أمينه بتحضير الطعام حتي استيقظ محمد .. وجلس على طاولة الطعام.
محمد: مين اللي وصلك امبارح يا رحمه؟
رحمه: هااا ……
محمد: أنا دخلت الأوضة بتاعتك امبارح علشان أطمن عليكي لاقيت كوفيه وجاكت رجالي.
رحمه: اه ده واحد جارنا شافني واقفه مستنية المطر يخلص والوقت اتأخر .. فإداني الكوفيه والجاكيت ألبسهم، علشان أعرف أوصل لأن هدومي كانت غرقانه.
محمد: وهترجعيهم إزاي؟!
رحمه: لو شفته هديهومله.
محمد: هو ساكن فين؟
رحمه: ها؟
محمد: هو ساكن فين؟
رحمه: في البيت اللي قدامنا.
محمد : إيه؟!!!
رحمه: يا بابا والله شافني وأنا جايه .. إداني الجاكت والكوفيه وبس.
محمد: مش أنا قولتلك إبعدي عن البيت ده؟
رحمه: يا بابا أنا مليش ذنب .. هو شافني إداني الجاكيت والكوفيه ومشي.
محمد: ماشي يا رحمه .. بس مش هقولك تاني .. أنا خايف عليكي .. إبعدي عن البيت ده.
رحمه: حاضر يا بابا متخافشي عليا.
محمد: لازم أخاف .. انتي بنتي الوحيدة يا رحمه.
رحمه: ربنا يخليك ليا يا بابا يارب.
محمد: انا رايح الشغل .. عايزة حاجة اجيبهالك؟
رحمه : شكراً يا بابا .. عايزاك ترجعلي بألف سلامه.
انصرفت رحمه إلى الحديقه .. وأخذت تنظر إلى المنزل الأسود لعلها تراه .. ولكن ما باليد حيله.
انتهت رحمه من رعايتها لزهورها .. ودخلت إلى المنزل .. وتناولت غداءها .. وجلست في غرفة المعيشة .. وأخذت تنظر إلى الساعة كثيراً .. وكانها تطلب من الساعة أن تتحرك، لكي تصل إلى الساعه التاسعه.
أخذت تشاهد التلفاز حتى اقتربت الساعه التاسعه .. وصعدت إلى غرفتها .. ووقفت في شرفتها تنتظره .. لكنها لم تراه.
أخذت رحمه تتساءل .. هل أخطأ في تحديد ميعاد ذهابه وعودته من عمله؟!
لماذا لم يخرج من منزله؟
هل هو مريض؟
هل … هل … هل …؟
في كل يوم كانت تنتظرة الساعه الخامسة والساعه التاسعه ليلاً.
إلى أن جاء اليوم عندما رأته الساعه السادسة ليلاً يجلس في حديقة منزله.
حملت الجاكيت والكوفيه ونزلت مسرعة إليه.
خرجت من البيت ووصلت إلى المنزل الخاص به.
لم تجد رحمه عم متولي.
فوقفت علي باب البيت.
رآها طارق فوقف مبتسماً لها.
دخلت رحمه إلى الداخل واقترب منها طارق.
رحمه وهى تنظر في الأرض: أنا جايه أدي لحضرتك الجاكيت والكوفيه.
طارق: وعرفتي منين إن أنا قاعد هنا؟
رحمه: ها؟
طارق: أكيد كنتي بتراقبيني.
رحمه: أناااا … لأ.
طارق: أنا بهزر على فكرة.
رحمه: طب اتفضل علشان عايزة أروح.
طارق: طب مش هتقوليلي ألف سلامه؟
رحمه وهي تنظر إليه: ألف سلامه.
طارق: هههههههههه .. مطيعه جداً .. طب أنا لو طلبت منك تخليهم معاكي؟
رحمه: مش هقدر يا أستاذ طارق.
طارق وهو يميل بجسده تجاه رحمه: اسمي طارق.
رحمه: طيب اتفضل بقي.
وفي تلك الاثناء رأت رحمه تلك السيدة تقف خلف الستائر .. فوقع من يدها الجاكيت والكوفيه.
مالت رحمه إلى الأرض كي تلتقط الجاكيت .. ومال طارق أيضاً.
ولكن رأس طارق اصطدمت برأس رحمه .. فوقعت على الأرض فابتلت ملابسها واتسخت.
طارق: أنا آسف .. مش قصدي.
رحمه: حصل خير.
طارق : طب استني أساعدك.
رحمه: أنا هقوم بنفسي .. شكراً ليك جداً.
طارق: طب خلاص يا سيتي قومي .. أجيبلك حاجة تلبسيها تانية من هدوم ماما؟
رحمه: لا أبداً .. أنا هروح بسرعه.
طارق: طب يا سيتي أنا أخدت الجاكيت والكوفيه اهو .. كدة مفيش حاجة لي عندك.
رحمه وهي تستدير لكي تنصرف: شكراً ليك علي اللي عملته معايا.
طارق: انتي تؤمري.
انصرفت رحمه وعلي وجهها ابتسامه كبيرة .. وأخذت تتساءل وهي في طريقها…
هل يمكن أن يكون طارق بهذا القلب الطيب؟
هل بدأ قلبي يدق؟
لا يا قلبي .. متدقش من فضلك.
دخلت إلى الفيلا .. ورأتها داده أمينه بملابسها المتسخه.
أمينه: إيه اللي بهدلك كدة يا بنتي؟!
رحمه وهي مبتسمه وشاردة الذهن: ……
أمينه: رحمه…
رحمه: هااا؟
أمينه: إيه اللي بهدلك كدة؟!
رحمه: مفيش .. وقعت .. أنا هطلع آخد شاور يا داده .. وحضريلي حاجة سخنه من فضلك.
أمينه: حاضر يا بنتي.
صعدت رحمه إلى غرفتها .. وقامت بإزاله القلاده من عنقها ووضعتها علي الفراش الخاص بها .. وقامت بتجهيز ملابسها ودخلت لتستحم.
وعند جلوسها أمام المرأه لتمشيط شعرها رأت شيئاً غريباً ……