Breaking news
شريط الأخبار:
هذا وتستمر “شرطة مكافحة جذب الأفكار السلبية” في ملاحقة المواطنين غير القادرين على السيطرة على أفكارهم، وتقوم بتوقيفهم واعادة تأهيلهم حسْبَ حالة كل منهم لما في ذلك من خطورة عليهم وبالتالي على الوطن، محرزة بذلك سبقاً ونجاحاً باهراً في منع جرائم كثيرة، بدأت كأفكار سلبية لديهم كان من شأنها تهديد أمنهم وتحويلهم لمواطنين غير صالحين خطرين على الوطن.
******
في غرفة خافتة الضوء جلست “مرام” .. تبدو عليها ملامح القلق والانزعاج .. ظلت تتلفت حولها علها تجد بتلك الغرفة الواسعة بأبوابها المتعددة إجابة عن تساؤلاتها وموقفها القانوني، فمنذ تم ضبطها بعملها وهي تجلس هنا منذ ساعات، لم يتحدث إليها أحد، ولم يتم السماح لها بعمل أي اتصال بأي شخص بعد، زفرت بحدة متململة خائفة وظلت تحادث نفسها حديثاً غاضباً لاعناً…
تباً لكم ..
لطالما تحدثت مع نفسي ومع من حولي منذ إقرار هذا القانون الهزلي مستنكرة الفكرة الحمقاء ..
سنوات قصيرة منذ استحداثه وانا أسخر ممن أقره وممن يدافعون عنه ..
تباً لكم أيها الحمقى جميعاً ..
أي عابث هو من يصدر قانون كهذا ومن أكثر عبثاً هو من يقره بل ويصدقه ..
يالكم من أغبياء مخرفون تصدقون تخاريف وتتركوهم ليعبثوا برؤوسكم البلهاء ..
تصدقونهم حين يقولون أن الأفكار التي برؤسكم هى التي تحدد وترسم حياتكم وأنكم قادرون على توجيه تلك الأفكار بل والتحكم بها ..
تستسلمون لمن يعبث برؤوسكم ويضع اجراءات رادعة على الأفكار التي تضر حياتكم – حسبما يرون – عبر أجهزتهم الغبية التي يقرأون بها رؤوسكم صباح مساء، في أعمالكم ومحطات المترو والوقود وغيرها ..
ذمت على شفتيها لاعنة “أغبياء” ونفثت بحنق هواء يحمل غضبا وتوترا لا نهائيا.
******
في أروقة الادارة العامة لشرطة مكافحة الافكار السلبية، تحرك العاملين جيئة وذهابا في نشاط واضح، واخترقهم “محمود” في هدوء وربما ملل بخطواته البطيئة، مقلباً بين أوراق الملف الذي حوى صورا مطبوعة لمرام وأوراق أخرى تبدو لرسم مخ أو ما شابه، وابتسم ساخراً محدثاً نفسه .. “بعد أقل من 24 ساعة من منعي لجريمة جديدة وإقناعي لمهووس أن يسيطر على أفكاره وألا يفجر رئيسه في العمل، ها هو ذا تحقيق جديد، ماذا هناك يا ترى؟، معتوهة أخرى لا تؤمن بخطورة الأفكار وحتمية التحكم بها والنتيجة صداع جديد للمحقق محمود بإدارة مكافحة جذب الافكار السلبية لدى المعتوهين .. اللعنة”
******
في هدوء، فتح محمود باب الغرفة التي تجلس بها مرام، فاعتدلت الأخرى في جلستها محدقة به وهو يدخل غير مكترثاً لها واضعاً قهوته وعلبة الكرتون التي كان يحملها والتي تحمل اسم محل شطائر شهير، مقلباً بالملف على المكتب ومضيئاً أضواء الغرفة الساطعة، فتأففت مرام لكنه تجاهلها مشغلاً شاشة كبيرة على الحائط أمام مكتبه .. ما لبثت المعلومات أن بدأت في الظهور عليها مبادراً اياها بالحديث ..
“مرام جميل .. 26 سنة .. مصممة حفلات أعراس بشركة “الحدث السعيد” .. غير متزوجة .. الأب والأم يشغلون وظائف مرموقة .. ولك شقيق وشقيقة يكبرونك…
في عدوانية، قاطعته مرام .. “ومالكم بي؟ وما شأنكم بتفاصيلي؟!
في صرامة، ارتدى محمود قناع العمل مقاطعاً اياها ..
“آنسة مرام .. لندخل في الموضوع فالمط والتطويل في التحقيقات والقضايا ليسوا من اتجاهاتي المفضلة ..
أجهزة المسح الدماغي في شركتكم وفي بعض الأماكن الأخرى رصدت أفكاراً سلبية، ومشاعر مضطربة ناتجة عن تلك الأفكار، وهو ما من شأنه أن يضر بكِ وبالتالي يشكل خطراً على المجتمع، وعليكِ الآن أن تقري بتلك الأفكار، وأن تناقشي تفاصيلها معي حتى تساعديني في تقرير مصير خروجك من هنا، اما إلى حياتك الطبيعية، أو إلي كورس تعديل السلوك حتى تعتدل مؤشراتك ويتحول حالك للأفضل”.
صرخت مرام .. “لكني لا أعلم عما تتحدث، وأي مشاعر تلك التي أحدثت ذلك الاضطراب لديكم، وليست لدي قناعة لا بقانونكم ولا بتطبيقه .. أطبيب نفسي أنت ام رجل شرطة؟!!”
– اسمعيني .. هو ليس بقانوننا، هو قانون من القوانين التي تحكم الكون .. وليس منطقياً في 2066 ألا يكون جزءا من قوانين الدولة الوضعية، ولا أن نجد مواطن لا يؤمن به ولا يحترم عواقبه ولا مواده .. من أي زمن أنتِ؟ وعلام تعترضين؟ وإن كنت لا تعلمين، فأنا رجل شرطة متخصص ومؤهل بكل الدراسات اللازمة لإنهاء تلك الأمور مع المعتو…. المتحيرين أمثالك.
– وهل تملك دليلا على وجود هذا القانون؟! من أين أتت لك بل لكم جميعاً تلك القناعة المفرطة في وجوده وتحكمه حتى تدعموه وترضخون لكل تحكماته؟
– لا أدري كيف لا تدركين خطورة أفكارك، فتتركينها تعبث برأسك بمنتهى الفوضوية .. الأفكار يا آنستي هي السائق الجالس خلف مقود عقلكِ والمحرك لحياتك، فكما تفكرين يقودكِ هذا السائق صوب الطريق الذي تحدده لكِ افكارك .. ان فكرتي ايجابيا توجه بكِ سائقكِ صوب الاتجاه الايجابي وجذب لكِ كل ما هو ايجابي .. وان فكرتي سلبياً توجه بكِ سائقكِ صوب كل ما هو سلبي وصوب كل ما هو مزعج فصرتي لا ترين ولا تجذبين سوى ما يزعجكِ، إن الادراك الذي يتمتع به عقلكِ تجاه افكاركِ هو ما يقود حياتكِ فكيف تتركين عقلكِ تهباً لهذا العبث الذي يدور به؟!!!
******
ساد صمت في الغرفة بعد كلمات محمود .. تناول فيه شطيرته وقهوته في هدوء، بينما ظلت مرام صامتة في تردد غاضب، حتى قاطع صمتها قائلاً:
– سأعرض عليكِ الأوقات والأماكن لأساعدكِ على تذكر تلك المشاعر في محاولة للسيطرة على الأفكار الناتجة عنها فلتساعدينني باجاباتك او لنجلس هنا حتى مالا نهاية .. الأمر لكِ.
أومأت برأسها مستسلمة لكلماته، فبادر قائلا:
– أكثر مكان ظهرت فيه تلك المؤشرات السلبية كان في عملك، قفزات مجنونة مفاجئة للمشاعر واضطراب واضح .. التواريخ كثيرة لكن الاوقات شبه متكررة ما بين الثانية عشر ظهراً والواحدة، ظهرت بذات القوة مساءا عشية يوم 20 مارس الماضي بين الساعة الثامنة والحادية عشر ليلا!!
ثم رفع عينيه تجاهها ملاحظاً تغيراً واضحاً وذهولاً على وجهها، فقاطع استرساله في سرد الأوقات والتواريخ، وبادرها في خبث .. “هناك من عَلِم سبب مشاعره المضطربة هُنَا؟!”
أشاحت مرام بوجهها عنه .. فكرر عليها “في الانتظار .. هل الأمر بتلك الخطورة؟!!”
في ارتباك أجابته..
– الأمر ليس به أية خطورة كما توقعتم، لا عليّ ولا على الوطن ولا أي شيئ .. هو أمر شخصي بحت، هلا صدقتني وأخليت سبيلي يا سيادة المحقق .. صدقنى ليس هناك أي اكتشاف خطير هنا يجب عليك اكتشافه.
– “مهما كان الأمر فهو سلبي وضار بكِ، وبالتالي ضار بالوطن كما ينص القانون، وأنا هنا لمساعدتكِ لتجاوزه .. فلتساعديني .. وسرية التحقيقات كما تعلمين مكفولة قانوناً .. فلننهي الأمر، فلست هنا لإدانتك، بل لمساعدتك لطالما كنتِ ستتعاونين .. سأحضر لك شيئاً قد يساعدك…
ثم زفرفي ملل وصاح مصوباً نظره لباب الغرفة … “يا فرج … فررررراااااااج”!
وجهت مرام نظراتها صوب الباب في تساؤل .. حين سمعت طرقات خفيفة عليه .. وفُتِح الباب .. كاشفاً عن شاب نحيل الجسد طيب الملامح .. مخاطبا محمود…
– أمرك يا محمود بيه.
– عصير يا فرج.
– أمرك يا فندم .. ثم غاب قليلا عائداً بكوب من العصير، وضعه أمام مرام، وهو ينظر لها نظرة ودودة، فبادلته نظرة مستسلمة.
وما إن غادر .. حتى قالت لمحمود في تلعثم ..
– سأقنع سيادتك ببساطة الأمر علك تخلي سبيلي .. لي زميل بالعمل .. (زياد) .. يوترني للغاية .. لا أحب صحبته ولا وجوده و… قاطعتها ابتسامة محمود المتسائلة وحاجباه اللذان ارتفعا في دهشة شديدة فصمتت فتساءل…
– هل تحبينه؟
– لا .. لا
– هلا أجبتي بصراحة حتى ننتهي
أطرقت .. لا أعلم حقيقة .. فقط لا أريد ان أشعر تجاهه بأي شيئ.
رجع محمود بكرسيه للخلف .. أهااا .. وهذا مصدر المشاعر السلبية العنيفة .. انها مشاعر الرفض.
– لا أعلم
– ولماذا تشعرين بكل تلك المشاعر .. لماذا تفكرين بتلك الطريقة؟ الأمر بسيط!!
– لا أعلم .. منذ تم تعيينه في شركتنا، وبت أتعامل معه كثيرا، ولست ادري لماذا شعرت تجاهه بتلك المشاعر .. ارتحت كثيرا لوجوده وحديثه.
– وبادلك الشعور؟
– لا أعلم .. ولم ارغب في أن أعلم .. فلا يبدو عليه أي ميل لي .. واخشى ان تكون لديه حبيبة لا أعلم بها.
– فصرتِ تقاومين وترتبكين كلما قابلتيه وتواجدتِ معه أو فكرتِ به!
– ربما .. لا أعلم
أطلق محمود ضحكة ساخرة معلقاً .. هذا أغرب ما قابلت يا مرام .. نحن لسنا بصدد قضية عادية، إنها قضية حب!
– قلت لك انه امر شخصي .. وليس بالخطورة التي تتخيلها يا سيادة المحقق.
– ِشخصي نعم .. ليس بالخطورة، أخالفك الرأي .. فأي أفكار سلبية الطرح تؤثر عليكِ وتضركِ وتضر من حولكِ، تؤثر على مسار أفكاركِ وحياتك عموما .. تؤثر على نوعية الأحداث التي تجذبينها لحياتك…
ثم أكمل متجاهلاً علامات التأفف وعدم الاقتناع على وجهها .. فأشار للملف الذي يحوي المعلومات الخاصة بها قائلاً:
– أراكِ شخصاً عاقلاً غير طائش، أما قرأتِ يوما قول رب العباد “انا عند ظن عبدي بي”؟ ماذا يعني لكِ؟ هلا فسرتِ لي معنى “ان خيراً فخير وان شراً فشر”؟ هلا أجبتيني؟!
علت الحيرة ملامح مرام… فأردف محمود..
– شئتِ أم أبيتِ يا مرام، فالجذب يحتوينا طوال الوقت، حدثيني عن عدد المرات التي بدأتِ يومكِ بأفكار سلبية تملأ رأسكِ في حديث نفس سلبي مهلك، وكيف سارت أحداث يومكِ وأي أحداث حدثت فيه، وكأنها حلقة مؤسفة من الأحداث جذبتها بتلك الأفكار السلبية وسوء الظن .. والعكس بالعكس، فتذكري أياماً بدأتها بافكار ايجابية ملؤها التفاؤل وحسن الظن والاصرار بالتغلب على المعوقات، وكيف مرت أحداث اليوم بكِ؟!
– لم أتخيل انه يتحتم علي ادارة افكاري، أو أنني امتلك يداً فيما يحدث لي .. أَتَعْلْم .. كنت كلما رأيت زياد، ارتجف قلبي بداخلي وعلا صوت الرفض واللوم في عقلي؟ فانا شخص عملي للغاية لا أحببت من قبل ولا تخيلت أني سأحب لاحقاً .. كنت كلما رأيته علا صوت، وماذا بعد؟ وماذا لو لم يبادلك الشعور؟ وماذا لو كانت له حبيبة؟ .. والكثير من الاعتراضات!
– مما شل تفكيركِ وجذب لكِ الوساوس السلبية فقط لا غير .. وحول فترة قد تكون لدى أخريات من أربك وامتع فترات القلب، الى فترة من أصعب ما يكون لديكِ .. اسمعيني .. لا أخالفك ان الأمر ليس بالخطورة على من حولك، ففي البداية، وانا أتصفح رسم المخ الخاص بكِ والمعلومات وتكرار المشاعر السلبية بمكان عملكِ، لا أنكر أنني برأسي البوليسي الذي دأب على منع الجرائم قبل حدوثها، وفقاً لطبيعة عملي تخيلتني امام معتوهة على وشك تفجير مكان عملها بسبب الضغوط أو قاتلة محترفة تحضر لقتل رب عملها أو على أبسط الفروض مريضة نفسياً تمثل خطراً على عملها وأسرتها، لكنني وجدتني أمامكِ بكل ارتباككِ وأفكاركِ ومشاعركِ التي تحتاج فقط الى ترتيب.
– ستفرج عني؟
– ربما .. حالما ننتهي من حديثنا .. وتجتازين كل الاختبارات النفسية المطلوبة، كي اتأكد انكِ نفسياً على استعداد لاجتياز هذا الجذب المرضي للأفكار السلبية، وأنكِ ستلتزمين بحضور جلسات تعديل السلوك وفقاً لسياسات الادارة .. لكن دونما احتجاز حتى نضمن أنكِ ما عدت خطر على أمنكِ الشخصي والنفسي ولا على أمن المجتمع.
******
عادت الطرقات الهادئة مرة أخرى على الباب .. بينما كانت مرام تمسك بجهاز لوحي صغير تجيب على شاشته على بعض الأسئلة ..
وأطل فرج من الباب .. وما لبث ان دخل فهمس لمحمود بكلمات لم تتبينها مرام…
رجع محمود بظهره للخلف مبتسماً، وعلى وجهه علامات الانتصار .. وأشار له بالخروج .. ثم التفت لمرام قائلاً:
– ماذا ان قلت لك ان ما حاولت اقناعك به طيلة تلك الساعات من خطأ تفكيرك وتوقعاتك وانه ربما يكون الامر مختلفاً هو حقيقة بالفعل؟
– كيف ذلك؟
– لأنه منذ قليل حضر للمبني شخص، قد أتى خلفك من مقر عملك، وحاول كل المحاولات الممكنة حتى علم بأنك هنا، والآن هو بأحد مكاتب الإدارة يريد أن يعلم ما تهمتك، ويريد أن يحضر لك محامِ لمصاحبتك .. ويرفض تماما الانصراف بدونك مهما كلفه الأمر.
– في ترقب تساءلت .. ومن يكون؟!
– زميلك بالعمل يا آنسة .. وبابتسامة عريضة منتصرة أكمل عبارته .. زياد .. هو من أتى خلفك.
عقدت المفاجأة لسانها من الدهشة .. فجمدت مكانها محدقة في محمود .. بلا أية كلمة.
ضحك محمود قائلاً:
– لدينا مُهتم هنا يا مرام .. يبدو أنكِ كنت تتخوفين بلا سبب ولا طائل ولا تعقل .. فقط سيطر عليكِ خوفكِ من الفشل في تجربة قبل أن تبدئي فيها.
حاولت مرام مقاطعته … فأردف بحزم ..
– مرام .. الأمر هنا يتعدى أمر زياد وقصته التي قد تكتمل أو لا، الأمر هنا يتعلق بكِ وبقلقكِ المبالغ فيه وفي توتركِ البالغ من أي أمر جديد، يتعلق بسلوك عام سلبي واضح انكِ تتميزين به وتتمسكين به دون الإلتفات إلى أنه قد يهدم حياتكِ ويهددها بلا شك .. أثق باننا لو راجعنا معدلات الطاقة السلبية لديكِ سنجد أنها عالية في كل أموركِ لكنها كانت الأعلى فيما يخص زياد، فلفتت الأنظار ورصدتها الأجهزة، أنتِ في حاجة لقيادة أفكاركِ وتنظيم توتركِ في كل أمورك.
علت وجهها علامات التفكير … فأردف..
– ببساطة، عليكِ أن تفكري هل أفادكِ التوتر؟ هل قام بحل مشكلاتكِ؟ هل أضاف لحياتكِ؟ .. فلماذا ترحبين به ضيفاً مستمراً في حياتكِ لينتهي بكِ الأمر شخصية كئيبة متوترة متعثرة لا ترى من الأمور إلا قائمة متوقعة من المصائب التي ستحدث لا محالة؟! .. عليكِ أن تقرري البدء في مرحلة جديدة من الثقة وحسن الظن بنفسكِ وبربكِ ربما تختلف حياتكِ تباعاً وانا أثق بذلك وربما نلتقى يوماً فأجد قائد رأسكِ قد اختلف فاختلفت حياتكِ.
صمتت وملء نظراتها الاستسلام والحيرة .. فأردف..
– والآن .. نكمل الاختبارات النفسية .. لنرى إذا ما كنتِ مستعدة لكورس تعديل السلوك والخروج.
******
شرع محمود يراجع الشاشة التي أمامه ودلالات البيانات في اهتمام، حتى فرغ والتفت إلى مرام، والتي كانت في حيرة لا نهائية وترقب كبير .. فبادرها..
– يبدو أنكِ ستكونين على ما يرام .. وربما الزيارة غير المتوقعة من زائرنا المهتم قد غيرت قليلا في طاقتكِ .. الآن فقط سأترككِ تغادرين مع عودة لكِ لانهاء برنامج تعديل السلوك .. لإغلاق ملفكِ نهائيا يا مصممة الأعراس.
ابتسمت مرام في ارهاق هاتفة .. أخيرا ..
فابتسم محمود مجيبا .. نعم .. سيصطحبك زائرك وسترحلين فورا.
– “فرج … فررررااااااج” …
عاد فرج يطل من الباب بعد طرقاته الهادئ،ة ليأمره محمود بدخول الضيف .. فغاب قليلا عائدا وفاتحاً باب الغرفة لشاب لا تخلو ملاحه من الوسامة، تبدو عليه علامات القلق الشديد، راح يوزع نظراته ما بين مرام التى بدت عليها ملامح الارهاق ومحمود الذي ظهرت على وجهه ملامح مُشاهد وصل للقطات النهاية فى فيلم كوميدي، وهو يتأمل زياد بنظراته القلقة المتسائلة ونظارته الطبية التي يعدلها فوق عينيه في عصبية، ثم ما لبث من فوره أن توجه لمرام هامساً لها..
– لقد قتلنى القلق عليكِ ولم أعرف ماذا أفعل فجئت خلفكِ و… قالوا لي أنك ستخرجين فلنخرج ولنتحدث فهناك الكثير لأخبرك به.
رتفع حاجبا مرام في ذهول مما آلت اليه الأمور .. وابتسمت في خجل مجيبة اياه..
– ربما هناك ما أريد ان أخبرك به أنا الأخرى يا زياد.
في تلك اللحظات كان محمود يتأملهم ململماً أوراقه ومغلقاً جميع أجهزته، مستعداً للرحيل هو الآخر .. حينها ارتسمت ابتسامة حنونة على وجه زياد، وابتسامة خجل على وجه مرام .. وأيقظهم من ابتساماتهم صوت محمود الذي ارتفع هاتفاً … فرررررررراااااااااااج.
منى عبد العزيز
مارس 2018