بعد أكثر من 70 عاماً ومن قلب مصر وعلي بعد خطوات من النصب التذكاري للبطل الفريق عبد المنعم رياض الذي استشهد وهو يقاتل العدو الصهيوني، وفي نفس الفندق (ريتز كارلتون) الذي افتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي قضي عمره في محاربة الكيان الصهيوني، أقام سفير الإحتلال احتفالاً كبيراً للمرة الأولي للذكري الـ70 علي استقلال دولة الكيان الصهيوني، وأعلن أنه وجه الدعوة لأكثرمن 400 شخصية عامة لحضور الإحتفال.
من القاهرة أرض الشهداء ورغم ما بيننا وبين الكيان الصهيوني من عداء بداية حرب 1948 مروراً بأطفال مذبحة مدرسة بحر البقرالإبتدائية عام 1970، وصبرا وشتيلا وقرية الدوايمة عام 1984، ومذبحة الطنطورة 1948، ومجزرة عيلبون عام 1956، وخان يونس ومذبحة كفر قاسم 1956، ومذبحة قانا 1996، ومذابح الأقصي الأولي عام 1990والثانية عام 1996 والثالثة عام 2000 ومذابح الحرم الإبراهيمي عام 1994، مروراً بحرب 1973، وحتي وقتنا هذا تستمر المذابح بحق الشعب الفلسطيني.
يقول نزار قباني الشاعر العظيم، الذى حلت علينا ذكري وفاته منذ أيام قليلة مضت وليته كان معنا الأن، كان قد وصف أولئك الذين باعوا القدس والقضية الفلسطينية وانصرفوا لملذاتهم، بكلمات غاية في الصدق الممزوج بمرارة العجز والضعف يقول:
فبعتَ القدسَ.. بعتَ الله.. بعتَ رمادَ أمواتكْ
كأنَّ حرابَ إسرائيلَ لم تُجهضْ شقيقاتكْ
ولم تهدمْ منازلنا.. ولم تحرقْ مصاحفنا
ولا راياتُها ارتفعت على أشلاءِ راياتكْ
كأنَّ جميعَ من صُلبوا..
على الأشجارِ.. في يافا.. وفي حيفا..
وبئرَ السبعِ.. ليسوا من سُلالاتكْ
تغوصُ القدسُ في دمها..
وأنتَ صريعُ شهواتكْ
تنامُ.. كأنّما المأساةُ ليستْ بعضَ مأساتكْ
متى تفهمْ ؟
متى يستيقظُ الإنسانُ في ذاتكْ ؟
وفي ظل أستمرار الشعب الفلسطيني في الحشد لمسيرات العودة إلي القدس، والتي يتساقط خلالها العديد والعديد من الشهداء والجرحي ضمن الإستعداد لفاعليات يوم 15 مايو رافضاَ للقرار الأمريكي بنقل سفارة أمريكا إلي القدس.
رفضت الخارجية الصهيونية كافة مطالبات الأمن بمنع الإحتفالات ولكن في نهاية المطاف أنصاع الجميع لرغبتهم وتم إقامة الحفل في ظل حراسة أمنية مشددة، مما أثار غضب الشارع المصري بمفكريه وسياسيه وشبابه، حيث أشتعلت مواقع التواصل الإجتماعي رافضه للتطبيع بأي شكل مع هذا الكيان الغاشم المغتصب لأرضنا، خاصة في خبر نشر علي صفحة “إسرائيل تتكلم بالعربية” وهي الصفحة الرسمية لهم يحمل في طياته خطأ تاريخي جسيم ويستوجب رداً من الخارجية المصرية عليه حيث نشرت أن في النصب التذكاري “عاد هالوم” جرت مراسم إحياء ذكري الجنود المصريين الذين سقطوا في حرب تحرير إسرائيل في عام 1948. وشارك في المراسم سفير مصر لدي الكيان الصهيوني حازم خيرت وحاشيته، وممثلو جيش الدفاع الصهيوني وممثلون من وزارة الخارجية الصهيونية وممثلون من القوات الدولية لحف السلام وكبار الموفين في بلدية أشدود. حيث تم إقامة النصب التذكاري في 1989 عقب توقيع إتفاقية السلام.
وهنا يأتي السؤال عن أي حرب يتحدثون، ومنذ متي وهي حرب لتحرير الكيان الصهيوني، وكيف يشارك سفير دولتنا في إحتفال بهذه الكيفية وهو يحمل خطأ تاريخي لا يغتفر، فهم يذورون التاريخ ونحن أحياء فما بالنا لا نحرك ساكناً !!
كما أكدت الصفحة الرسمية للحملة الشعبية المصرية لمقاطعة إسرائيل (BDS مصر) علي أن “المشاركة في الاحتفال بهذا اليوم ليست تطبيعًا فجّا مجردًا أو احتقارًا لمشاعر ورغبة الشعوب العربية فقط و لكنها أيضًا موافقة واضحة أكيدة علي أن تكون القدس عاصمة ما يسمي بإسرائيل”.
هذا وقد طالبت (BDS مصر) الفندق بإلغاء الحفل التزاما بالموقف الشعبي والرسمي الرافض لنقل السفارة ورفض الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، كما وجهت الدعوة لجميع العاملين بالفندق وجميع المدعوين من شخصيات إعلامية وثقافية و رجال أعمال وغيرهم للإحجام عن المشاركة في هذا الحفل المشبوه.
ودعت جميع الأحرار والمتضامنين مع القضية الفلسطينية والمواجهين للتطبيع مع الكيان الصهيوني إلى حضور فعاليتها القادمة في 15 مايو للوقوف على الاستراتيجية الجديدة للمقاطعة في مواجهة العدو الصهيوني.
كما أصدر تكتل 25_ 30 البرلماني بياناً يرفض فيه وبشدة إقامه هذا الاحتفال وجاء نص البيان:
في يوم أسود لم يحلم به من وضعوا جرثومة الكيان الصهيوني في أرض العرب وبلد السلام يحتفل هذا الكيان بذكرى تأسيسه على أرض مصر وضفاف النيل وقرب أشهر ميادين ثورة مصر وهو ميدان التحرير.
هل منا من ينسى إغتصاب القدس وفلسطين كلها أو ينسى دماء مئات الالاف من الشهداء بنيران هذا الكيان دفاعا عن أمننا القومي ومستقبلنا أو ينسى ملايين المصابين أو الذين أغتيلوا غدرا سواء أطفالا في مدرسة بحر البقر ومدارس اخرى أو علماء اغتيلوا في محراب علمهم او منازلهم لقتل الامل.
من منا لا يرى كل يوم سقوط شهداء فلسطين دفاعا عن القدس وعن حق العودة و وجرائمهم اليومية التي يرتكبوها في حق شعب مصر فلا توجد مكيدة او كارثة تحيق بنا الا وتكون بصمات الكيان الصهيوني موجودة وواضحة.
إن تكتل 25_ 30 وهو يرفض هذا الاحتفال في نفس الوقت يرفض موافقة الحكومة على إحتفال كهذا في وقت كهذا تلتهب فيه المشاعر بنقل سفارة أمريكا الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني إلى أرض عربية في القدس الشريف.
إن تكتل 25_30 يشارك شعبنا العظيم مشاعر الغضب الشديدة والدعوات الخاصة بمنع هذا الحفل بذكرى الاغتصاب والعار باي صورة.
وكذلك يؤكد أن الشعب سيرصد اي مشارك و انه لن يغفر لهم و ستكتب أسماءهم في سجل الخيانة والعار و نطلب من الحكومة المصرية بشكل واضح رفض إقامة هذا الحفل إحتراما للأراضي المسلوبة وللمقدسات المنهوبة وأرواح الشهداء وآلام المصابين وأسرهم ومشاعر الشعب المصري وقبل كل ذلك إحتراما لحقنا التاريخي في أرض فلسطين.
وفي ها الصدد صرح النائب هيثم الحريري “لبوابة الخبر” أنه جزء من التكتل الرلماني 25-30 والذي يرفض وبشدة إقامه الإحتفال علي أرض مصر، وحمل هيثم الحريري السلطة التنفيذية مسؤولية إقامة هذا الإحتفال لأنها منحت الموافقة للكيان الصهيوني بإقامة الإحتفال بالفندق، وأن كل من شارك في هذا الإحتفال أو وافق عليه ستكون يده ملوثة بالدماء، وسنعد قوائم عار لكل من شارك ووافق ليتذكرهم التاريخ.
وأشار أن هذه الموافقة علي إقامة الحفل خاصة بعد الإعلان السابق بأن القدس عاصمة للكيان الصهيوني تعتبر خطوة علي طريق متسائلاً كيف يكون لنا موقف رافض للتهويد وفي نفس الوقت تحتفل علي أرضك بكيان أغتصب أرض عربية و ومكان مقدس لدي المصريين وهو القدس الشريف، بل ستشارك أيضاً في الإحتفال فالأكيد أنهم لن يحضروا شخصيات من خارج مصر، بل كلها شخصيات محسوبة على الشعب المصري في النهاية، فكان من الأكرم أن يتم رفض إقامة مثل هذا الإحتفال أو يقام في سفارتهم وحدهم دون أن يحصل علي موافقة أمنية ويتم في حماية مشددة من الشرطة وقوات الجيش وهذا ما يتنافي مع شعور المصريين.
كما أعرب اللواء نبيل عبد الوهاب بطل من أبطال عملية المدمرة إيلات عن غضبه الشديد وصرح أنه موقف استفذاذي للغاية كونه بيعمل احتفال بهذا الشكل، وأوضح إذا كانوا هما بيسموا اليوم ده ذكري إنشاء إسرائيل إحنا بنسميه يوم النكبة، لأنه اليوم الذي أحتل فيه الكيان الصهيوني أرض فلسطين وأستولت عليه”.
وأعرب اللواء نبيل عبد الوهاب عن أسفه كوننا تربطنا علاقات دبلوماسية مع هذا الكيان الصهيوني لذلك يصعب علينا منع إقامة هذا الاحتفال ولكنه يقام داخل السفارة في إحتفالية خاصة بهم، وكان عليهم أن يقدروا رفض الشعب لهذا وأن هذه الخطوة إستفزازية لمشاعر المصريين بصفة عامة، ووصف هذا التصرف الإستفزفزي بأنه غير دبلوماسي بالمرة وفكروا بطريقة خاطئة تماما.
أما علي الصعيد الشخصي كمجند وبطل من أبطالنا حارب وهو علي يقين أن العدو الصهيوني هو العدو قال أنه حزين جداً لأنهم يحتفلون بذكري إغتصاب فلسطين وموت مئات الاّلاف من الشعب الفلسطيني والعربي في صراعنا الطويل معهم، واصف هذا الفعل بأنه حركة غير دبلوماسية وغير ذكية علي الإطلاق.
وندد اللواء نبيل عبد الوهاب بالملصقات التي بدأ الكيان الصهيوني نشرها تحمل شعار الطريق إلي السفارة الأمريكية قبل أن يفتتحوها حتي في الأسبوع القادم، وهذا التصرف يحمل إستفزازاً لا يطاق وغيرمقبول بالمرة، وعن قوائم العار أكد أنها قد تكون غيرمؤثرة ولكن تأثرها الحقيقي هو إعلان حالة الرفض الشعبية لمثل هذه التصرفات وأن حتي لو علي الصعيد الرسمي تمت الموافقة علي مثل هذا الاحتفال فإن الشعب يرفضه ويرفض حتي من سيحضر هذا الحفل وسيوضع علي القوائم السوداء لرفضنا التعامل مع هذا الكيان.
وقد صرح سعيد الصباغ أمين الحزب الشيوعي المصري بالإسكندرية أن موقفنا مع أصدقائنا في الأحزاب الإشتراكية واضح وضوح الشمس، وهو رفض التعامل مع الكيان الصهيوني المعادي للشعوب والإنسانية، حيث أن هذا الكيان الصهيوني ودولته المزعومة هي الدولة المحتلة الوحيدة في العالم التي تمارس أبشع أنواع الجرائم ضد شعب أعزل وهو صاحب الأرض.
ولذلك أكد الصباغ أن الرفض الشعبي لهذا الاحتفال السافر لأنه بمثابة تحدي لمشاعرنا الوطنية، فنحن مع القوي الاشتراكية والوطنية نرفض هذا الاحتفال علي أرضنا. كما ندين كل من تعامل معهم وحضر هذا الاحتفال ونتهمه بالخيانة الوطنية من أجل مصلحة شخصية ضيقة علي حساب المصلحة العليا للوطن، مؤكدا لولا المساندة الأمريكية والصمت العربي أو بمعني أوضح وصريح التأييد العربي غير المعلن للكيان الصهيوني هو من أعطاهم الكارت الأخضر لتمر وتفعل ما تشاء.
وأوضح الصباغ أهمية عمل قائمة سوداء لكل من حضر الحفل لفضحهم والمطالبة بمقاطعتهم تجاريا وعمليا حتي يرتدع الاّخرون، وأكد علي أن حركة الشعوب وتوحيد صفوفها ستكون أقوي منهم.
كما علق علي الحدث العديد من السياسين المصريين حيث ذكر دكتور ممدوح حمزة عبر صفحته علي تويتر أن إسرائيل تحتفل بإنتصارها في قلب القاهرة بينما أولاد جيشنا بيزيلوا اّثار اتفاقية كامب ديفيد التي أنجبت الإرهاب في غياب السيطرة العسكرية 45 عاماً.
كما نشر أيمن الصياد عبر حسابة أيضا أن في عام 1948 حارب المصريون الصهاينة لمنعهم من إنشاء (دولة الإحتلال) علي أرض فلسطين العربية. أما في 2018 يحتفل الصهاينة بذكري إنشاء (دولة الإحتلال) في قلب القاهرة؛ عاصمة الأمة العربية.
كما أنطلق هاشتاج #قاطعوا_ريتز_كارلتون عبر مواقع التواصل الإجتماعي سننشر البعض منها كدليل على الرفض الشعبي الجارف للتطبيع بكافة أشكاله مع الكيان الصهيوني الغاشم.
والحقيقة أن هذه الكلمات ـ التي قالها شاعرنا منذ نصف قرن تقريباً ـ تعكس الواقع الحالي الذي نعيشه اليوم، وفي قصيدته «طريق واحد» يؤكد نزار، على خيار المقاومة من أجل استرداد الحقوق وإعادة الوطن المسلوب:
يا أيّها الثوار..
في القدسِ، في الخليلِ،
في بيسانَ، في الأغوار..
في بيتِ لحمٍ، حيثُ كنتم أيّها الأحرار
تقدموا..
تقدموا..
فقصةُ السلام مسرحيّه..
والعدلُ مسرحيّه..
إلى فلسطينَ طريقٌ واحدٌ
يمرُّ من فوهةِ بندقيّه..
تقرير : شيماء طه