انشغل الرأي العام العالمي لقرابة الشهر، بحادثة اختفاء فريق كرة قدم تايلدني من الأطفال، بعدما دخلوا إلى أحد الكهوف في الجبال. قبل أن يتم العثور عليهم محاصرين بمياه الأمطار على بعد سحيق داخل الكهف في حالة أشبه بالمستحيل الوصول إليهم! ثم بدأت الأفكار والجهود العالمية تتضافر من أجل إنقاذ هذه الأرواح البشرية البرئية التي حاصرتها الطبيعة وباتت حياتهم مهددة بفضل عدة عوامل ليس أقلها خطورة المياة المتدفقة الهطول في موسم شديد المطر، ولا أكثرها خطورة تناقص الأكسجين المستمر والذي قد ينفد في أي وقت ويموتون اختناقاً داخل كهفهم.
تعود بداية القصة، عدما قرر فريق كرة قدم مكون من 12 طفلاً، تتراوح أعمارهم مابين 11-16 عاماً، ومدربهم ذو الخمس وعشرون عاماً، الدخول إلى كهف «ثام لاونج» لاكتشافه بعد مباراة لكرة القدم في 23 يونيو الماضي. ثم انقطعت سُبل الاتصال بهم بعد ذلك التاريخ، حيث أدت الفيضانات الموسمية إلى ارتفاع منسوب المياه وإغراق معظم ممرات الكهف، وبالتالي محاصرتهم فيه.
وفي اليوم التالي وجدت القوات ما يدل علي وجود الفريق داخل الكهف .. ووسط أمطار مستمرة لا تنقطع بدأ فريق Thai Navy SEAL يوم 25 يونيو البحث عن الأطفال المفقودين بمشاركة 18 غواصاً .. حيث يستقر الأطفال علي مسافة 800 متر تحت سطح الارض. ولكن عاد الغواصون بعد قطع مسافة كبيرة جداً وذلك بسبب غلق الامطار لمنفذ صغير كانوا سيدخلون منه للأطفال.
ثم شرع في عملية الانقاذ فريق مكون من ٣٠ فرد من الجيش الأمريكي متخصصين في الإنقاذ في المحيط الهادي، وبمشاركة ثلاثة بريطانيين متخصصين؛ ولكن يتوقف الامل من جديد وتتوقف عمليات البحث بسبب ازدياد منسوب المياه داخل الكهف واضطروا لأستخدام مضخات لسحب المياه من داخل الكهف، الى جانب إطلاق طائرات بدون طيارين لتبحث عن فتحات اخرى للكهف.
وبعد يوم وقد هدأت الأمطار قام رئيس الوزراء التايلندي برايوت تشان أو تشا، بزيارة موقع الإنقاذ. وبدأت عمليات البحث من جديد الى اماكن أعمق حيث توصلوا في النهاية الي موقع تواجد الاطفال والمدرب بعد فتحة شاطيء باتايا ب ٤٠٠ متر وتم الاطمئنان بأنه لا يوجد ضحايا ولكن خروجهم عملية شبه مستحيلة.
وبعد محاولات عدة للتفكير في كيفية خروج الاطفال وكان قد تم توصيل العلاج والطعام الى الكهف .. منهم من حاول ضخ المياه وتنظيف الفتحات ومنهم من حاول ان يدرب الاطفال والمدرب علي استخدام أجهزة الغطس والتنفس.
وبعد عدة تصريحات بأن عمليات الإنقاذ بدأت تنخفض نسبة نجاحها، وذلك بعد وفاة الغواص التايلاندي سامان كونان، يوم 6 يوليو، وهو يحاول تركيب فتحات هواء لأولاد الكهف، وانخفاض ضغط الأكسجين أدى لوفاته اختناقا.
وبعدها في يوم 7 يوليو، حاولوا انا يحفروا فتحات اخرى للوصول إلى الأولاد في الكهف وفي هذه الاثناء ظهرت رسالة من المدرب يعتذر من أهالي الاولاد. بالتزامن مع استبعاد السلطات التايلاندية أي حلول فورية لإنقاذ “أطفال الكهف”، وقال حاكم ولاية “شيانجراي”: “لا خطط لإجراء أي عمليات إنقاذ، وذلك رغم مخاوف من نقص مستويات الأكسجين داخل الكهف واحتمالية سقوط أمطار”! وبدأ الأمل يضعف من جديد.
إلا أن المعجزة باتت تتحقق، وفي اليوم التالي، 8 يوليو.. بدء عمليات الإنقاذ، عندما أعلن فريق الإنقاذ الرئيسي للعملية،البدء بإخراجهم عبر ممرات ضيقة مغمورة بالمياه، مع توقّع خروج أول الناجين بعد 11 ساعة من بداية دخول أفراد الإنقاذ.
واصلت فرق الإنقاذ إجراج الأطفال تباعاً، حتى تم إخراجهم ومدربهم جميعاً، دون وقوع ضحايا، وإحالتهم للمستشفى لعمل الفحوصات اللازمة لوقوف على حالتهم الصحية.
هدير الجندي