منذ أيام قليلة، تفاجأ الجميع بإعلان رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، أن المجلس النيابي بصدد التحضير لإقرار القوانين اللازمة لتشريع زراعة الحشيشة المحظورة في إطار جهود رسمية للنهوض بالاقتصاد المتردّي في البلاد.
ويأتي إعلان بري بعد اقتراح شركة استشارات عالمية وضع خطة للنهوض بالاقتصاد اللبناني، بتشريع زراعة الحشيش للاستخدام الطبي، التي كانت تعد قبل عقود صناعة تدرّ ملايين الدولارات قبل أن تجرّمها السلطات. ولم يحُل ذلك دون القضاء عليها.
ويعاني لبنان من ضعف النمو منذ 2011 بسبب الاضطرابات الإقليمية، وقد صنف صندوق النقد الدولي معدلات النمو بما بين واحد و1.5 في المئة في 2017 و 2018، مؤكدا «أن العوامل التقليدية للنهوض بالاقتصاد، مثل البناء والعقارات، لا تزال في حالة ركود».
ويشهد الاقتصاد اللبناني منذ العام 2011 تدهوراً تدريجياً بفعل الجمود السياسي والانقسام حول ملفات داخلية عدة. وفاقم النزاع في سوريا المجاورة من الأزمة الاقتصادية مع تدفق موجات النازحين، ولا يزال نحو مليون منهم في لبنان.
ويحتل لبنان المرتبة الثالثة على لائحة البلدان الأكثر مديونية في العالم. وتضاعف العجز المالي في لبنان خلال السنوات السبع الأخيرة من 2,3 مليار دولار في عام 2011 الى 4,8 مليار دولار متوقعة في عام 2018.
زراعة الحشيش في لبنان
يصنف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، لبنان، في تقريره لعام 2018، كثالث مصدر رئيسي في العالم للحشيش الذي صادرته السلطات الوطنية بعد المغرب وأفغانستان.
إذا نظر أحدنا على جانبي بعض الطرقات في بلدات البقاع اللبنانية، سيرى حقول الحشيش تنبسط عبر البصر، غير أن هذه النبتة لا تزال غير شرعية في البلاد، لكن ذلك لم يمنع يوما زراعتها. ويعد مناخ منطقة البقاع فريدا في لبنان، ففي النهار، الشمس حارة جدا وفي الليل تنخفض درجات الحرارة إلى حدود منخفضة جدا. ويرى البعض أن هذا النوع من الطقس هو ما يجعل حشيش البقاع من الأفضل في العالم من حيث النوعية. وعادة ما تتجاور بعض حقول الحشيش الواسعة، مع حقول تبغ صغيرة المساحة.
يبدو أنه بات اليوم لدى مزارعي البقاع بعض التفاؤل بأن تشريع الحشيش لم يعد من النقاشات المحرّمة في البلاد!
وشكّلت الحشيشة اللبنانية المعروفة بـ«نوعيتها الجيدة» خلال الحرب الأهلية (1975-1990) صناعة مزدهرة كانت تدر ملايين الدولارات. وبعد الحرب، قامت الدولة اللبنانية بحملات للقضاء على هذه الزراعة، واعدة بزراعات بديلة، الأمر الذي لم يتحقق.
قصة تقنين الحشيش اللبناني
تعود البداية الى توصية صدرت عن شركة ماكينزي للاستشارات الاقتصادية التي كلفتها الحكومة اللبنانية دراسة الوضع الاقتصادي المتأزم في البلاد. وتتحدث التوصية التي جاءت ضمن دراسة أُعدّت في شهر يونيو الماضي عن أهمية الاستفادة من الحشيش لتحقيق أرباح اقتصادية لدعم الموازنة.
ولا يعد مطلب تشريع الحشيش بالمطلب الجديد في لبنان، لكن الوضع الاقتصادي المتأزم دفع باتجاه البحث عن حلول وتشريع ما كان محرَما، وهو ما اكدة تصريح رئيس مجلس النواب نبيه، عن دراسة البرلمان لتشريع الحشيش للاستخدامات الطبية.
ويزعم البعض أن الولايات المتحدة لا تزال من بين الأسواق الأساسية للحشيش اللبناني بعد مصر وأوروبا، لكن في ظل غياب البيانات العلنية والمفتوحة تبقى هذه مجرد تخمينات تفتقر إلى الأدلة.
وفي هذ الإطار أُنشأ منذ نحو عام، أول مختبر جامعي لدراسة المنافع الطبية للحشيش في الجامعة اللبنانية الأمريكية، وهو متخصص في دراسة نبتة الحشيش اللبناني بكل خصائصها وبتركيبها الكيميائي الفريد.
ونقل مكتب بري عنه قوله في تصريحات خلال اجتماع مع السفيرة الأمريكية في بيروت «المجلس النيابي اللبناني بصدد التحضير لدرس وإقرار التشريعات اللازمة لتشريع زراعة الحشيش (القنب) وتصنيعها للاستعمالات الطبية على غرار العديد من الدول الأوروبية وبعض الولايات الأمريكية».
عبد العزيز الشناوي