العنوان العتبة الأولي للنص ومفتاحه الرئيس الذي يفصح عن مكنون الفكرة، جاء جملة اسمية وصفية لحالة الشخصية المحورية، ومعبرا عن اجواء الاغتراب عن الواقع فالوحدة هنا موقف اختياري، للفرد أو تختاره الظروف له وجاء المبتدأ نكرة (أمراة)لتعميم القضية المحورية للقصة واسقاط علي الطرف الاكثر تأثرا بمعاناة المجتمع ، ورغم خبرية العنوان إلا انه لا يخلو من أثارة شغف القارئ نحو سر غرابة هذه المرأة محاولا هتك حجاب تصرفاتها بفهم الاحداث.
تعددت الأشارات الرمزية منذ استهلال القصة بحالة الشتاء(مطر غزير) للدلالة علي برودة الواقع، وتوظيف الستائر للتعبير عن ضعف المقاومة ووهن المواجهة فهي تقف بلا أرادة أو قوة تصرف.
وهو ما أكدته القاصة باستخدام تشبيه مصلوبة للستائر المغلقة لإبراز عذاب الانتظار وتوقع نهاية بلا أمل، والوصف التحليلي التفصيلي لللحظة أقترن بوصف داخلي للمشاعر فجأء عنصر المكان متعدد الأبعاد بين حجرة بنافذة وشارع معتم ، وكأن النافذة هي عيونها التي تتخيل الذكريات حاضرة وتتنسم عبير الشتاء بتلذذ ارتعاشة نشوي الأمل، وجاءت الأساليب البلاغية متنوعة لتوظف التشبيهات والاستعارات وتحقق امتاع رسم الصورة النفسية للبطلة وتوضيح ابعادها.
جاءت عبارة وإلى الآن أخشى أن يمسك أحدهم القضبان ويضرب ببصره إلى داخل بيتى ويكتشف أنني وحيدة ليس معى إلا ذكريات فأغلقتها ولم أعد أطل منها
أو أن يقذفنى أحد الصبية فى الشارع بالحجارة والحصى , فطالما سمعتهم وهم يتصايحون مدعين أن بيتى لا يسكنه أحد من الإنس بل يسكنه الجن والعفاريت)، تفصح عن مكنون القصة وحالة الهذيان العقلي والهلوسة للبطلة.
تلاقت سمات فضاءات المكان والزمان في ارتباطهم بمظاهر الأزمة من حيث( عتمة ليل، شارع مظلم ممطر، نافذة متهالكة، بهو تغطية الاتربة وسلم حلزوني ) في مقابل بناية جديدة وهمية ,وشقة مضيئة بالماضي المستدعي بذاكرتها كرمز للأمل في عودة حياة كانت يوما ما.. أو انحصار حياة في مشهد بالماضي.
اعتمد السرد علي المونولوج الذاتي ( سرد من طرف واحد) مع التوظيف لتعددية الضمائر من بين ضمير المتكلم(المرأة)، وضمير الغائب( الزوج) ، وحمل الحوار صفة الاستفهام المتكرر للتعبير علي حالة القلق والتشتت وغياب المنطق .
اتسمت الاحداث بالسرعة رغم الوصف التحليلي النفسي ، واتضح التناقض في الوصف بين حالة الستائر في بداية القصة كاسقاط علي الحاضر، وحال العشيقةالزوجة الشابة الانيقة كاستدعاء للماضي .
لعبت القاصة علي تيمة العطر كمحرك محسوس للاحداث تبدأ به وتستمر معه ، لما يحمله من مدلول في ذاكرة الفرد.
الدمج بين السرد المنولوجي والفنون الاخري كمظهر اجتماعي ثقافي للوقوف علي سياقات الازمة ، مع توظيف رواية أكلة الذئب للاسقاط علي حقيقة الازمة واطرافها وما خلفته من قتل جسدي وروحي.
كما امتازت القصة بغلق مباغت يسطع فيه هزلية الشخصية ويجمع بين اطراف الزمن الثلاث في لحظة واحدة .
وعنصر الزمان المتخلخل هنا كان الركيز الاساسي الذي يلعب بالاحداث عبر فلاش باك وعودة للواقع الراهن بانصهار ذابت فيه الفواصل لتبهر القارئ بالخاتمة غير المتوقعة .
وبناء سردي قائم علي فردية الرؤية فالبطلة تحكي وتتذكر وتلمح وتفصح بلا عبارات عن حالة متعددة الابعاد.
نهله جمال